كان العم إدريس رجلًا طيبًا عالمًا يقوم مبكرًا من نومه فيذهب إلى حقله على حماره الحمار فهمان .
كان الحمار فهمان يحب العم إدريس حيث يراه يؤدي عمله في الحقل بإتقان وجد ، ثم يعود إلى بيته ليأكل ويستريح ثم يخرجا سويّا ، حيث يرتاد العم إدريس مجالس العلم يعلم ويتعلم .
قال الحمار فهمان للعم إدريس : أنا أحبك يا عم إدريس وفخور بحملك على ظهري .
العم ادريس: أشكرك يا حمار فهمان
الحمار:هل تعرف يا عم إدريس سبب سعادتي ؟
العم إدريس:لا أعرف . أخبرني .
الحمار:إني أشعر أني أحمل رجلًا هو وعاء علم وخبرة ، أجول بك في أنحاء القرية فينتشر نفعك حيثما ذهبت ، إنه لمن دواعي السرور أن أحمل النفع والخير لأهل القرية.
العم ادريس: يا حمار فهمان إن قيمة الإنسان في عمله وعقله .
سارت الأيام هادئة بالعم إدريس والحمار فهمان، كل منهم يحب الآخر.
وفي صباح أحد الأيام وبينما كان الحمار فهمان يستيقظ ليبدأ يوم عمله الجديد دخلت عليه إبنة العم إدريس وفي عينيها حزن ودموع وقالت :إستعد يا حمار فهمان فأمامك اليوم عمل شاق .
الحمار:ما الأمر ؟ أين العم إدريس ؟
أخذت البنت تبكي وقالت : لقد توفي أبي هذا الصباح .
الحمار: وأي عمل سوف أقوم به ،لقد مات من كنت أحمله .
البنت:الناس ذاهبون إلى المقابر لتوديعه إلى مثواه الأخير وسوف تجر عربة تحمل بعض سكان القرية .
اغرورقت عينا الحمار فهمان بالدموع حزنًا على صاحبه ، ولكنه قال في نفسه : إنه لأمر جيد أني أكون موجودًا في وداع العم إدريس إلى مثواه الأخير .
إجتمع الناس وحملوا العم إدريس إلى قبره ، وسار ورائه الناس ، وكل يذكره بالخير ، وسار بينهم الحمار فهمان وأخذت أحاديث الناس تترامى إلى أذنه .
عاد الحمار فهمان إلى حجرته ، والأفكار تموج في رأسه ، وكلها تدور حول فكرة واحدة ، ما هو مصيره بعد موت العم إدريس ؟
وبينما هو يسبح في بحار في أفكاره ، دخلت إبنة العم إدريس عليه وقالت : من الغد سوف تذهب إلى بيت عمي عويس فهو سوف يتولى رعاية الأرض .
ذهب الحمار فهمان إلى بيت العم عويس ، وفي صباح اليوم التالي إستقيظ مبكرًا كالعادة ليحمل العم عويس إلى الحقل ، كما كان يفعل مع العم إدريس ولكن أحدًا لم يحضر .
وبعد أن طلعت الشمس ، وإشتد الحرّ جاء العم عويس ، وقال : هيا إستعد للخروج يا حمار فهمان .
الحمار: الآن ؟
العم عويس: نعم الآن . هل تريد أن تؤجل الخروج ؟
الحمار: إني مستيقظ منذ الصباح الباكر ومستعد للخروج .
العم عويس:لا بأس هيا للخروج .
حمل الحمار فهمان العم عويس وسار به في حر الشمس حتى وصل إلى الحقل ،وهناك أخذ العم عويس يعمل عملًا خفيفًا غير متفنن ، وبعد وقت قليل ركب الحمار فهمان وعادا إلى المنزل .
طوال الطريق كان الحمار فهمان في حيرة ، لم يتعود على هذا البرنامج من قبل مع العم إدريس رحمه الله … وفي المساء دخل العم عويس على الحمار فهمان وقال : هيا بنا .
الحمار:إلي أين ؟ إلى مجالس العلم ؟
العم عويس:بل إلى المقهى .
جلس العم عويس في المقهى مع أصدقائه ، وربط الحمار فهمان في عامود قريب منه .
أخذ دخان النرجيلة ( الشيشة ) يتصاعد من المقهى ويصل إلى أنف الحمار فهمان ، وبدأ فهمان يسعل من الدخان ، لم ينتبه العم عويس لوجوده وأطال الجلسة مع أصحابه .
وعند منتصف الليل قام العم عويس ليركب الحمار فهمان كي يعود إلى منزله.
وفي طريق العودة كان الحمار فهمان منقبض الصدر ، ويزيد من إنقباضه إنتفاض جسد العم عويس فوق صدره من شدة السعال ، وفيما تبقى من الليل لم يغمض جفن للحمار فهمان من التفكير في وضعه الجديد ، وكيف يمكن أن يستمر في العمل مع العم عويس .
طلع الفجر بطيئًا ،ثم أشرقت الشمس ، وجلس الحمار فهمان في هم وغم عظيم ، إنه يخشى أن يتكرر معه اليوم ما حدث بالأمس ، وهنا قطع عليه تفكيره صوت إبنة العم إدريس التي حضرت إليه وقالت : يا حمار فهمان سوف تعمل مع أخي إسماعيل ، لقد عاد توّا من سفره وسوف يتولى مسؤولية الأرض .
الحمار:أخوك إسماعيل القارئ ؟
البنت:نعم .
قفز الحمار فهمان من الفرح ، وقال : الحمد لله سوف أفخر بمن أحمل على ظهري مرة أخرى .
***
المؤلف/عبدالله محمد عبدالمعطي