كان ياماكان في قديم الزمان وسالف العصر والآوان ، كان هناك في أحد القرى صياد ماهر ، وكانت السعادين في ذلك المكان تهبط من أرجاء الجبال ، وتؤذي الناس في أرزاقهم .
قال الصياد في نفسه : سوف أذهب اليوم لقتل السعادين !.. خرج الصياد ومعه زوادة من لفائف الأرز ، وبينما كان يمشي في الجبل ، وقع على سعدان صغير يلتقط الثمار من تحت إحدى الأشجار ، اعتقد السعدان الصغير أن هذا الرجل سوف يطلق عليه النار ، ويقتله ، فحاول أن يهرب منه .
غير أن الصياد قال له : حسنا..حسنا لن أطلق النار عليك ، فأنا لا أقتل صغار السعادين ، لكن ألست جائعًا ؟
ثم قدم له لفافة أرز واحدة ، أخذها السعدان الصغير ورفع ناظريه إلى الأعلى ، وانطلق يصعد الشجرة الشاهقة .
كان هناك أعلى تلك الشجرة ، سعدان آخر كبير يبدو أنه والده وكان منهكًا جدًا ، فلما وصل السعدان الصغير إلى هناك ، لم يأكل لفافة الأرز التي قدمها له الصياد ، بل أطعمها لوالده المريض .
وعندما شاهد الصياد ذلك تمتم قائلا: ما أروعه !! قد يكون هو نفسه جائعًا ولكنه يحن على والده المريض إلى هذا الحد!!. ونطق مرة أخرى مندهشًا ومعجبًا بالسعدان الصغير ، وردد قائلا : ما أروعه !! ما أروعه!.
وبينما هو كذلك ، هبط السعدان الصغير إليه فجأة وأمسك بيده واصطحبه إلى تحت شجرة بلوط قريبة ، وأومأ له بالصعود حالا ، غير أن الصياد لم يعرف كيف يتصرف ، فصار السعدان الصغير يزعق به ، ( غيا ، غيا ) ويحضه على صعود الشجرة ، كما أن السعدان الكبير الذي في أعلى تلك الشجرة ، صار يتحرك ويضج كما لو أنه يحذر من خطر ما ، صعد الصياد شجرة البلوط وراء السعدان الصغير والبندقية بين يديه ، وعندما تحقق السعدان الصغير من وصول الصياد إلى أعلى الشجرة ، راح يقفز من شجرة إلى أخرى حتى وصل إلى عند والده راجعًا .
وحينها ظهر قادمًا من أغوار الجبل ، نمر ضخم جدًا ، عندما شاهده الصياد فهم ما حدث ، وقال في نفسه : نعم ، نعم ، نعم ، هكذا إذن ، لاشك أن السعدان الصغير أراد أن ينقذني من هذا النمر ردًا للجميل ، على لفافة الأرز التي قدمتها له ، ثم صوب يندقيته على النمر وأرداه قتيلاً .
ثم قام الصياد باعطاء السعدان الصغير ما تبقى لديه من لفائف الأرز ، وعاد إلى البيت وهو ينوء بحمل جثة النمر على كتفيه .