هناك العديد من الأمثال الشعبية ، التي تضرب في الحكمة والقول السديد ، وتعبر عن بعد النظر والبصيرة بخفي الأمور ، وهذا المثل من الأمثال التي تضرب في مثل هذه المواقف ، ومثلُنا : إذا قالت حذام فصدقوها ، فإن القول ما قالت حذام .
“القول ما قالت حذام”
حذام هي امرأة لرجل يدعى لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، وهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم ، وكانت امرأة شديدة الذكاء ، واسعة الحيلة ، تصيب الرأي إن قالت ، وتظن الأمر فيأتي كما توقعت ، فكان زوجها لجيم يثق في حدسها وقوة إدراكها .
ويحكى أن عاطس بن الحلاج بن الحميري وقعت بينه وبين قومها فتنة ، فصار إليهم في جموع كثيرة العدد ، واقتتلوا ، ففر قومها هاربين ورجع الحميري إلى معسكره ، فسار قوم حذام ليلتهم ويومهم إلى الغد ، واستقروا في الليلة الثانية .
فلما أصبح الحميري ورأى أثارهم ، اتبعهم ، فانتبه القطا من وقع دوابهم ، والقطا هو نوع من الطيور مرت على قوم حذامِ قِطَعاً قِطعاً ، والعرب معروفة بالفطنة ، واستنباط الأخبار من تصرفات الحيوان ، فخرجت حذام إلى قومها فقالت :
ألا يا قَومَنا ارتَحِلُوا وسِيرُوا فَلو تُرِكَ القَطَا لَيلاً لَنَامَا ،
فقال زوجها الشاعر لجيم: إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ، َفإِنَّ القَولَ مَا قَالَتْ حَذَامِ ،
فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل ، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا من حيث جاؤوا ، وهكذا نجا قومها من شر الحميري وجماعته ، بسبب ذكاءها ، وفطنتها.
العبرة من المثل
يقال هذا المثل فيمن نثق في صحة رأيهم ، ونرى أن قولهم هو القول الفصل ؛ لما لهم من رجاحة في العقل ، والفطنة ، فكل مبصر للأمور ، هو حذام ، وكل صادق في الحدس هو حذام ، وكل سديد في القول حذام ، فهذا الاسم ارتبط لدينا بالصدق في القول ، ومعنى كلمة حذام من حذم الشيء أى قطعه ، والشخص الحازم هو الصارم ذو الرأي القاطع