قصة النعمان والحصان المسحور
وفي عصر من العصور القديمة ، كان هناك ملك عظيم السلطان وهو الملك النعمان بن حسان ، كان لديه مُلك عظيم ، ولكنه كان تعيس ويعيش في حزن دائم .وقد سمع عن بلاد الأسرار وما بها من عجائب وأشياء غريبة ؛ فأراد أن يعرف كل شيء عن تلك العجائب .
لم يكن أحد يعلم بوجود بلاد الأسرار سوى ساحر وحيد بالجبل ، تناقل الناس سيرته حتى وصل أمره للملك النعمان ، فأرسل النعمان أحد ضباطه إلى الساحر لكي يعرف منه السر وراء تلك البلاد .
فأخذ يتسلق الأحجار والصخور حتى وصل لبيت الساحر المشهور ، ورفع يده ليطرق الباب ، ففتح الباب قبل أن يطرقه ثم سمع صوت ينادي عليه باسمه .وما إن دخل إلى منتصف المكان حتى تحرك البساط من تحت قدميه ، وأخذ يهبط به إلى الأسفل حتى نزل تحت الأرض لمسافة بعيدة وسمع صوت يقول له ماذا تريد ؟ . رأى الساحر جالس على عرش كبير .قال له الساحر :أنا أعلم أنك من جند النعمان ، وجئت لتعرف سر الحصان المسحور ، فبلاد الأسرار بلاد بعيدة ، ستقطع فيها الصحارى وتجوب الجبال والوديان لتصل إليها وهناك ستجد الحصان المسحور ، ولكني أحذرك وأحذر النعمان ، فالطمع نهايته محمله بالأخطار ، والوصول إلى ذلك الحصان من الامور الصعبة.
عاد الجندي وأخبر النعمان بما أخبره به ساحر الجبل ولكنه لم يكن يفكر سوي في الحصان الطيار المسحور وبلاد الأسرار ، ثم تخيل نفسه راكبًا على ظهر الحصان ويطير بين الناس فيحيوه بتحية الملوك .
فنادى الملك على قائد الجيوش ، وطلب منه أن يعد نفسه للسفر بفرقة مكونة من مائة جندي ليعبروا البحار والصحارى ويأتوه بالحصان العجيب، وبالفعل خرج قائد الجيوش ومعه بقية الجنود حتى ابتعدوا عن بلادهم ، وامتدت أمامهم الصحراء دون نهاية .
ونفذ ما معهم من طعام وشراب وهاجمتهم وحوش الصحراء فقتلت منهم البعض ، وقتل الجوع البعض الأخر ، فقرروا العودة إلى النعمان ليخبروه بمشقة الطريق واستحالة الوصل ، ولكن لم يصل منهم أحد سوى قائد الجيوش .
غضب النعمان أشد الغضب ، وطلب من قائد الجيوش أن يذهب مرة أخرى ومعه من الجنود خمسمائة ويحضر الحصان ، فخرج القائد وظن أنه لن يعود ، وأخذ معه كل الجنود ، وساروا في الصحراء إلى أن نفذ منهم الطعام والماء وهاجمتهم الوحوش ، وقتلت منهم الكثير ، ولم يتبقى منهم الا قلة قليلة استطاعت عبور النهر .
ولكن قبل أن يصلوا إلى نهايته ، هاجمتهم التماسيح فأظهروا شجاعة في القتال ولكن لم يدم بهم الحال طويلًا ، ولم يستطيعوا الصمود ؛ فلم يبقى من الجند إلا عشرون فقط ، حاولوا الفرار هاربين ، لعلهم يصلوا إلى أرض النعمان سالمين ، ولكن مصاعب الطريق أرهقتهم ، فلم يصل منهم الا خمسة جنود فقط .
وهناك ثار النعمان ، وأخذ يردد وهو في حالة غضب شديد ، سأذهب بنفسي لبلاد الأسرار لأحضر هذا الحصان المسحور ،فقد أعماه الطمع وضيع أكفأ الجنود ، ولكن قبل أن يذهب مر على ساحر الجبل ، لعله يساعده بسر من بلاد الأسرار ، فأخبره الساحر أنه لا يعرف سوى ما قال ، وأن الوصول للحصان صعب .
ونصحه بالتراجع عن الذهاب لبلاد الأسرار ، وحمله موت الجنود الأبرياء ؛ فهم من يحمون البلاد ، ويدافعون عنها وبهذا سيبعدهم عن عملهم ويعجل بموتهم .
خرج النعمان يفكر بكلام الساحر وكل ما قال ، لكن سرعان ما غلبه الطمع وصمم أن يحصل على الحصان الطيار ، فخرج مع الجيوش وجاب الصحارى والمخاطر والأهوال ، ومات كل من معه ولم يبقى سواه في وادي الأسرار .
عندما وصل فقد الوعي من فرط التعب ، ولما استفاق رأى أميرة ليس هناك أجمل منها في الوجود ترتدي زي أخضر اللون ، وحلي من ذهب ، ومعها حصان أبيض بلون السحاب ، له جناحان يرفرف بهما ، فيملأ صفير العصافير المكان .
وسألته الأميرة من هو ؟ ومن أين جاء ؟ وماذا يريد من بلاد الأسرار ؟ ، فأجابها أنه جاء من أجل الحصان المسحور .
غضبت الأميرة كثيرًا وقالت له :ولكنه ملكي وليس ملكك وهذه تسمى في بلادنا سرقة ، فلم يعبأ بكلامها النعمان وجذب الحصان ليركبه ويطير ، فدعت عليه الأميرة أن يضيق في وجهه الطريق ويكثر عليه الأعداء ، فضحك النعمان منها وأخذ الحصان وانطلق .
وما أن وصل إلى أرضه حتى وجد الحال غير الحال ، فقد دخل الأعداء بلاده واحتلوا قصره ، فأخبر الناس أنه النعمان فلم يصدقوه وقالوا أن النعمان مات ولو كان حيا لقتلوه ؛ فقد تسبب بقتل الجنود وهجوم الأعداء على بلادهم .
فحزن النعمان كثيرًا على ما وصل به الحال وما حل بشعبه من فقر وسؤال ، وأدرك أن هذا بسبب دعاء الأميرة عليه وعاد إليها بالحصان المسحور ، فلما وصل فرحت بعودة الحصان .
طلب منها النعمان الصفح والغفران وحكى لها قصة بلاده ، و ما آل إليه الحال ، فأعطته الحصان وطلبت منه أن يعود ويجمع الناس حوله ويشكل جيشًا من الجنود ، ويحارب العدو ويطرده من البلاد .
وبالفعل عاد النعمان ومعه الحصان المسحور وجمع الناس والجيش حوله ، وحكى لهم ما حدث ووعدهم بتحرير البلاد وطرد العدو منها ، ففرحوا به وساعدوه وما أن استعدت قوات النعمان حتى هجم على القصر وركب الحصان ، وحلق فوق الأعداء فخافوا مما رأوه وهربوا مسرعين .
وبعد أن عاد الأمن إلى بلاد النعمان ذهب إلى الأميرة وطلب منها أن تعود معه إلى بلاده وتتزوج منه ، فوافقت الأميرة الجميلة ورجعت هي والحصان العجيب مع الملك النعمان ، وأنجبت منه البنين والبنات وعاشا في سعادة وهناء .