يُروى أنه في إحدى الغابات كانت تعيشُ أسرتان من النمل في جحر شجرة كبيرة .وذات يومٍ من أيام الشتاء الباردة، اشتدّت برودة الطقس كثيرًا، وهطل المطر بغزارة، فهربت اسراب النمل إلى جحورها، ودخلت في جحر الشجرة الكبيرة خوفًا من المطر والبرد، وبقي المطر يتساقط أيامًا عدة، مما منع النمل من الخروج للبحث عن طعام .وكان هناك نملة صغيرة أُصيبت بالجوع الشديد، وذهبت إلى أمها وهي تبكي وتطلب منها طعامًا، لكنّ النملة الأم أخبرت النملة الصغيرة أن كل مخزون الطعام قد نفد، ولم يبقَ لديهم ما يأكلونه .
وقررت النملة الأم أن تطلب الطعام من جارتها النملة، وأن تأخذ من عندها بعض الحبوب لإطعامها للنملة الصغيرة، وعندما وصلت النملة الأم إلى منزل النملة الجارة، طرقت الباب وفتحت لها، وطلبت منها بعض الطعام.
ولكن تحجّجت النملة الجارة بسوء الطقس، وقالت أنّ الطعام قد نفد لديها أيضًا، ولم يبقَ عندها أي نوعٍ من الحبوب ،وقالت لها، ياجارتي تعلمين أن أسرتي كبيرة ولدي ثلاث أطفال ولم يتبقى لي شيء اطعمه لهم .
وفي الحقيقة كانت النملة الجارة تكذب، لكنها لا تُريد إعطاء جارتها النملة طعامًا لابنتها النملة الصغيرة، وتصرفت بأنانية كبيرة ولم تفكر في غيرها أبدًا .
فعادت النملة الأم من عند الجارة حزينة جدًا وهي تعلم أن الجارة لديها حبوب ولكنها رفضت إعطائها .وكانت النملة الأم لا تدري ما تصنع، وشعرت بجوع النملة الصغيرة، فما كان منها إلا أن رفعت يديها باتجاه السماء وأخذت تدعو الله تعالى بأن يرزقها الطعام لها وللنملة الصغيرة .
ولأنها دعت الله سبحانه وتعالى فاستجاب الله دعائها فعلًا، إذ توقف هطول المطر، وأصبح الجو صحوًا وأشرقت الشمس من جديد، وأصبح بإمكانها أن تذهب للبحث عن الطعام، وبالفعل وجدت الكثير من الحبوب، فأكلت منها وأطعمت النملة الصغيرة وعادت بالباقي وخزنته .
مرت عدة أيام وهطل المطر من جديد وبغزارة لعدة أيام ، وتكرر نفس الموقف لكن هذه المرة مع النملة الجارة التي رفضت إعطاء النملة الأم طعامًا للنملة الصغيرة، حيث أُصيبت النملة الجارة وصغارها بالجوع الشديد ،ذلك لأنها اعتمدت على ما خزنته في المرة الأولى ولم تخرج للبحث عن الطعام عندما توقف المطر لأيام .
فقررت طلب الطعام من جارتها النملة الكريمة الطيبة، لأنها تعرف أنها لن ترفض إعطائها الطعام .
فوافقت النملة الكريمة على إعطائها الطعام والحبوب، ولم تعاملها بالمثل، وذكرته بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي أوصى بالجار، وقالت أنا لا أقابل السيئة بالسيئة .
وبهذا صنعت النملة الكريمة موقفًا رائعًا لا يُنسى، وأصبحت جميع النملات تتحدث عن طيبها وكرمها، وأوصت النملة الكريمة النملة الصغيرة أن تكون كريمة مثلها، وأن لا تتصرف مع الآخرين بأنانية .
كما أن النملة الجارة تعلمت درسًا مهمًا، وأخذت على نفسها عهدًا ألّا تتصرف بأنانية مرة أخرى، وأن تكون مثل النملة الكريمة الطيبة كي يحبها الله ويحبها الجميع.