يحكي أنه في قديم الزمان ، أراد جحا أن يذهب إلى القصر السلطان ليهنئه بمناسبة توليه للمنصب الجديد وجلوسه على كرسي السّلطنه ، فأمر زوجته بإحضار أفخم الملابس قائلًا لها : أحضري لي أفضل ما عندي الملابس لأرتديها وأذهب الى القصر لتهنئة السلطان الجديد .
ذهب جحا إلى قصر السلطان فوجد هناك أناس كثيرين جدًا ، قد حضروا لتهنئة السلطان بهذه المناسبة السعيدة ، كان من بين هؤلاء الناس بعض أصدقاء جحا ، فعندما رأوه عرفوه وقال أحدهم للسلطان هذا جحا يا مولاي ، قد جاء ليهنئك ، فضحك السلطان وقال : نعم لقد سمعت الكثير عن طرائف جحا ونوادره .
وقال صديق آخر من أصدقاء جحا للسلطان: لماذا لا تدعوه يا مولاي للذهاب إلى النزهة معنا في الخلاء غدًا ، إنها فرصة لكي نضحك كثيرًا.
فرد صديق ثالث: يا لها من فكرة رائعة ، تزيد نزهتنا متعة وبهجة .
تقدم جحا وقام بتهنئة السلطان بجلوسه على كرسي السلطنة ، فعرض عليه السلطان أن يصاحبهم في نزهتهم غدًا ، فوافق جحا على الفور قائلًا: إنه لشرف عظيم لي يا مولاي ، ولكني لا أملك حصان ولا حمار لأركبه في هذه النزهة ، فضحك السلطان وقال هذا أمر بسيط يا جحا .
ثم التفلت إلى حارسه وقال جهز الحصان الذي أرسلته إليك بالأمس ، ليركبه جحا في النزهة غدًا ، فهو ضيفي. في صباح اليوم التالى ، ركب كل واحد منهم حصانًا وركب جحا الحصان الذي أعده له السلطان . فرح جحا وشعر بالفخر وقال في نفسه: جاء اليوم يا جحا الذي تنزل فيه ضيفًا على السلطان ، وتركب فيه حصان له .
التفت السلطان على أحد أتباعه وقال مازحا دون أن يلاحظ جحا ذلك: لماذا أعطيت جحا حصانا بليدًا ، وبطيء الحركة ،سنرى ماذا سيفعل جحا به. سارت الجماعة مسافة طويلة ، ثم هبطت الأمطار فجأة ، فأسرع السلطان وأتباعه في الرجوع إلى القصر ، وتركوا خلفهم جحا وحصانه .
وجد جحا نفسه وحيدًا في الخلاء ، فخلع ملابسه وطواها في عناية ووضعها تحته على سرج الحصان حتى لا تبتل وسار بجواده عائدا الى القصر ، وحينما توقف المطر، نزل جحا عن الحصان وارتدى ملابسه ثانية ، ثم ركب الحصان وعاد الى القصر ، وحينما رآه السلطان ، نظر إليه في دهشة شديدة ، وقال له كيف لم تبتل ملابسك يا جحا !
فرد عليه جحا قائلًا : الفضل كل الفضل في ذلك ، يرجع إلى الحصان الذي منحتنى اياه يا مولاي ، فظن السلطان أن جحا يقصد أن الحصان أسرع به مثل البرق وعاد به إلى القصر قبل أن تبتل ملابسه ، فالتفت السلطان إلى حارسه وقال له : خذ هذا الحصان واعلفه جيدًا ، وهيئه لي لكي أركبه في النزهة غدًا .
وفي اليوم التالي ركب السلطان الحصان ، وابتعد به عن القصر ، وإذ بالأمطار تهبط بشدة ، فقال السلطان للحصان أسرع أيها الحصان القوي كما أسرعت أمس بجحا ، ولكن الحصان ظل بليدًا كعادته ، ومن ثم غرقت كافة ملابس السلطان بماء المطر .
عاد السلطان إلى القصر ، وطلب جحا وسأله في غضب كيف تكذب عليّ يا جحا ،
قال له جحا :حلمك يا مولاي السلطان ، فأنا لم أكذب عليك ، ولا أجرؤ على ذلك ، فانك لو قمت بخلع ملابسك أثناء هطول المطر كما فعلت أنا ، فما كان صابها شيئًا من البلل.