كان يا ما كان في قديم الزمان، كانت هناك فتاة بريطانية تدعى ماري لينوكس ،كانت ماري تبلغ من العمر تسع سنوات . ترعرعت في الهند تحت رعاية سلسلة من المربيات والخدم ، كان والدها ضابط في الجيش البريطاني ، عُرف عنه انشغاله الدائم بحياته العسكرية ، أما الأم فكانت مشغولة جدًا بحب الاجتماعيات ، والظهور في حفلات العشاء والملابس الأنيقة .
كانت ماري بالكاد تعرف والديها ، فهي طفلة مدللة جدًا ، وبما أنها تقضي كل وقتها وحدها ؛ أصبحت شخصيتها أنانية وإنطوائية ، مات والديها فجأة بسبب وباء الكوليرا وانتقلت إلى عمها رشيد.
كان عمها لا يهتم بها ، حتى أنه جلبها إلى قصره الضخم في انجلترا في ميسلثويت مانور ، وتركها مع خادمتها وذهب ليباشر أعماله ، وكان القصر ضخمًا ملئ بالحجرات ، وكانت خادمة ماري اسمها مارثا ، وهي سيدة تشع بالبهجة ، حيث كانت تحاول أن تخرج ماري من عزلتها وإنطوائيتها .
حكت مارثا لماري عن أمرين يغيران حياتها : أولهما أن هناك حديقة مسورة بالقصر تم إغلاقها منذ وفاة زوجة رشيد منذ حوالي عشر سنوات ، وحكت لها عن أخيها الصغير داوود ، الذي يحب البستنه والأشياء البرية .
وبطبيعة الحال ، يشغل بال ماري شأن الحديقة المسورة ، فصممت زيارتها من بعيد كل يوم ، وذات يوم وهي تتجول حول الحديقة المغلقة تعثرت قدمها في المفتاح المفقود منذ فترة طويلة ، وهو ذلك المفتاح الخاص بالحديقة .
وقامت بفتح باب الحديقة به سرًا ، وبدأت ماري العمل سرًا في الحديقة لجمع العديد من الزهور والورود ، وبهذه العادة حيث قضاء الوقت في الهواء الطلق ، تحسنت صحتها البدنية والنفسية ، بعد ما كانت قد أصيبت بالاكتئاب وساءت نفسيتها .
وكان يساعدها في ذلك داوود سرًا ، فعزمت ماري على أن يبقي أمر الحديقة سرًا عن الجميع ، وسمياها فيما بينهم الحديقة السرية ، منذ أن حضرت ماري إلى القصر وهي تسمع دائمًا بوقت متأخر من الليل صوت بكاء ، وكانت لا تدري ما سببه ، إلى أن علمت أن العم رشيد لديه ابن .
كولين وهو طفل مدلل أكثر من ماري ، لقد قيل لها أنه سيظل طوال حياته مريض على الرغم من أنه لا يوجد أي خطأ جسدي معه ، لدرجة أنه كان لا يستطيع المشي ، وكانت لديه بعض الأخلاق الفاسدة والسلوكيات الخاطئة .
تعرفت عليه ماري ، وبدأت في إصلاح سلوكياته ، وعندها بدأ يستجيب كولين لها وقامت بتعليمة أمور الحديقة وأمر الحديقة السرية ، واتفقا على العمل سرًا فيها ، وقرر كولين أنه سيجعل نفسه أفضل ؛ حتى يفاجئ والده رشيد بتحوله عند عودته إلى إنجلترا .
كان والد كولين لا يقضي وقتًا طويلًا في المنزل وذلك لسببين : أولًا أن رشيد لديه العمود الفقري مشوه ، وكان هذا له تأثير عاطفي كبير عليه ، وثانيًا : أنه كان يحب زوجته ليليان حبًا كبيرًا .
فعندما كانت ليليان حاملًا بكولن ، سقطت من شجرة في الحديقة المسورة ، وذهبت إلى المستشفى ؛ لتلد كولن ، ثم توفيت ، ولهذا أغلقت الحديقة ، نجا كولين من هذه البداية الرهيبة ، ولكن رشيد لا يحب أن يقف وينظر في وجهه .
كان يكره أن كولن هو سبب موت ليليان ، كما أنه يشعر بالقلق تجاه أن كولن سيعاني نفس الصعوبات الجسدية التي يعاني منها ، لذلك قضى رشيد معظم حياته في أوروبا وترك كولن في رعاية طبيبه ومدبرة منزله ، ولكن بمساعدة ماري وداوود ، بدأ كولن يشعر بأمل في الحياة ، على الرغم من وفاة والدته .
بدأ كولن يشغل نفسه أكثر وأكثر بالحديقة السرية ، والعالم الطبيعي من حوله ، حيث كان يحلو له قضاء حياته في استكشاف عجائب الطبيعة في تلك الحديقة الجميلة ، وبدأ كولن يتعلم ببطء المشي على قدميه .
وفي الوقت نفسه ومع تحسن صحة كولين وسلوكه أيضا ، كان رشيد يحلم بحلم غريب بأن زوجته المتوفية تخبره بالعودة إلى الحديقة ، فاندفع رشيد إلى منزله في ميسلثويت ليجد أن ابنه كبر وتعافى ، كان بالكاد يعرفه ، فرح به كثيرًا ، بدأ الأب والابن في بناء علاقة لم تكن موجودة من قبل ، وذلك بفضل ماري والحديقة السرية .