في يوم من الأيام ،انطلق طارق إلى المنزل دون أن يأكل طعامه في المدرسة كالمعتاد ، وذلك لأن أحد الأولاد الأكبر منه سنًا قد أخذ غداءه الخاص وهدده بإخفائه جيدًا ، فانصرف طارق غاضبًا وفي طريقه إلى المنزل توقف في الحديقة ، وجلس على مقعدٍ ، محاولًا السيطرة على غضبه قبل وصوله إلى المنزل .
لقد كان طارق طفلًا حساسًا وذكيًا ، وحتى يستطيع نسيان ما حدث معه في المدرسة انشغل في التمتع بالنباتات والزهور الجميلة ، ولكنه رأى فجأة دبورًا يطير حول الورود الجميلة ، مما أعطاه بعض الخوف وجعله يبتعد عن تلك الورود .
وأثناء ابتعاده ظهرت فكرة في رأسه وهي كيف يمكن لشيء أصغر منه أن يخيفه هكذا ؟ كان هذا بالضبط هو ما يحتاجه طارق لنفسه ضد الأولاد الكبار! ، فقد كان يود إخافتهم رغم صغره حتى لا يضايقوه مرة أخرى .
لهذا أمضى طارق بعض الوقت في النظر إلى الحشرات ، وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى المنزل كان لديه فهم جيد لخدعة الدبور و أن الدبور يعتمد على الخوف فقط فهو لا يتمكن من محاربة شخص مًا ، ولكن الجميع يخاف من لدغته لدرجة أنهم يتركوه طائرًا في سلام .
وقد أمضى طارق تلك الليلة متسائلاً عما يمكن أن تكون عليه “لدغته” ، حاول أن يفكر بما يمكن أن يخيف هؤلاء الأولاد الأكبر سنًا منه ، وفي اليوم التالي بدا طارق وكأنه ولد جديد ، لم يعد يمشي خافضًا نظره على الأرض ، ولم يعد ينظر بعيدًا عندما يتكلم الناس معه .
كان يبدو واثقًا مستعدًا لمواجهة أي شخص بعقله ، معتمدًا على دوره الجديد المتمثل في خوف الناس ، وعلى ظهره حمل حقيبة مليئة بالطعام ، ولكن الصبي الذي سرق غداءه الكثير في ذلك اليوم أكل شطيرة سجق ساخنة للغاية ، وكانت النقانق التي تناولها حارة جدًا لدرجة أنه أخذ يبكي ويسعل .
ومن يومها لم يحاول هذا الفتى قط أو يرغب في أكل أي شيء يخص طارق ، وذات مرة أراد صبي كبير آخر أن يضرب طارق ، لكن هذه المرة لم يهرب طارق مثلما كان يفعل ، ومن الذاكرة أخبره بأرقام هاتف والديه ومعلمه وأمه ، وقال له : “إذا ضربتني فسيكتشف كل شيء ، وستعاقب بشدة وأنا لن أصمت “.
قال طارق هذا الكلام وهو ينظر إلى الصبي بحزم وبشجاعة ، حتى أن الصبي تركه بمفرده وانصرف ، ومرة أخرى أراد أحد الصبية الكبار أن يأخذ واحدة من لعب طارق وهدده إن لم يتركها سيضربه ، فبدلاً من أن يعطيه طارق إيحاء بالخوف أو محاولة الرضوخ لطلبه ، أعطاه بطاقة صغيرة كتبها شرطي كان يعرفه ، فقرأ الولد المكتوب عليها وهو : “إذا سرقت هذا الصبي ، فسوف ألاحقك وسأعثر عليك ” .
وتمامًا مثلما كان طارق يخاف من الضرب ، أصبح هؤلاء الأطفال الكبار أيضًا يخافون من أشياء كثيرة ، وفي إحدى المرات ضرب أحد المشاكسين طارق عدة مرات ، فكان على طارق أن يكون شجاعًا وينفذ تحذيره له ، من وقتها صار هذا المشاكس خائفًا لدرجة أنه فضل منذ ذلك الحين حماية طارق .
لذلك أصبح طارق في النهاية مثل الدبور الذي كان يراه ، حتى دون الاضطرار إلى لدغ أي شخص ، فقد أصبحوا يخافونه ولا ينوون العبث معه ، فقد استطاع طارق ببعض التفكير والشجاعة والذكاء والحيلة أن يحمي نفسه من شر الصبية الآخرين .