كان ياما كان ،كان هناك زوجان يعيشان حياتهما في سعادة وهناء، فالزوجة امرأة جميلة هادئة ذات دين وخلق، تعلمت من والدتها فنون الطبخ ورعاية الزوج والبيت على أكمل وجه.أما الزوج فكان شاباً مطيعا على دين وخلق، تعلم هو أيضاً من والده كيف يرعى زوجته ويهتم بها ويقوم برعاية منزله وأسرته .وهكذا عاش الزوجان في سعادة واستقرار وهناء، لم ينغص عليهما شيئاً في الحياة سوى تأخر الإنجاب .مرت شهور كثيرة حتى مرت السنة الأولى من الزواج ولم تحمل الزوجة، في الواقع لم يشغل هذا الأمر بال الزوجان كثيراً فهما مؤمنان بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره ومؤمنان أن لكل شيء موعد عندما يأذن الله عز وجل .
ولكن كان هناك من لم يعجبه بقائهما إلى هذا الوقت دون إنجاب ،أنها أم الزوج، فهو ابنها الوحيد وهي تحلم بأبنائه حتى قبل أن يتزوج، أخذت تتساءل يوماً بعد يوم عن سبب تأخر الحمل، وضغطت كثيراً على ابنها الذي كان يكتفي بالرد عليها بابتسامة هادئة قائلاً : خير إن شاء الله .
وكان الزوج يخفي هذه الأمور عن زوجته حتى لا تحزن وتشعر بالعجز أو النقصان أو التقصير، فقد كانت نعم الزوجة والصديقة الوفية والمخلصة لبيتها وزوجها وهو لم يرد احزانها .
وذات يوم قررت الأم أن تحدث زوجة ابنها في الأمر، فذهبت إلى منزلها وسلمت عليها وتكلمت معها على الفور، وطلبت منها أن تذهب إلى الطبيب لتطمئن على حالتها وتعرف سبب تأخر الإنجاب، وتأخذ العلاجات إن وجد سبب لعدم الإنجاب .
شعرت الزوجة بالخجل والحزن على هذا الأمر ولكنها لم تظهر شيئاً لحماتها، وأخبرتها أنها سوف تذهب إلى الطبيب في الأسبوع المقبل.
ولكنها تفاجأت برد حماتها تخبرها أنها قد حجزت لها موعداً لدى الطبيب اليوم، انزعجت الزوجة من الأمر كثيراً ولكنها حاولت أن تتمالك أعصابها وألا تظهر هذا الانزعاج، واكتفت بابتسامة باردة .
وأمام تصميم الحماة اضطرت الزوجة إلى الذهاب معها إلى الطبيب في ذلك اليوم بالفعل، وهنا كانت الصدمة، لقد أكد الطبيب أنها من غير الممكن أن تنجب طفلاً مهما مرت السنوات .
بكت الزوجة المسكينة كثيراً بحرقة وحزن، شعرت بالانهيار والألم الشديد، ولكنها لم تكن تقول سوى : الحمد لله على كل حال، قدر الله وما شاء فعل ،لم تكف عن الحمد الله يوماً ولم تكف أيضاً عن البكاء والشعور بالألم الداخلي .
بدأت الأم تعامل الزوجة بإهمال وبشكل سيء جداً، والزوجة تتحملها وكأنها والدتها وترد لها السيئة بالحسنة، بينما تقبل الزوج هذا الخبر بالرضا بقضاء الله عز وجل واحتساب الثواب والأجر من الله، وقف بجانب زوجته وحاول أن يهدئها دائماً ويشعرها بمدى حبه وتقديره لها .
وفي يوم من الأيام استدعت الأم ابنها إليها وطلبت منه أن يتزوج من امرأة أخرى اختارتها هي له حتى ينجب منها الإبن الذي تتمناه، وأخبرته أنه ليس بالضرورة أن يطلق زوجته، ويمكنه الاستمرار معها إن ارادت هي ذلك ويتزوج عليها من هذه المرأة التي تنجب له الأولاد .هنا قرر الإبن التحدث لأول مرة وأخبرها عن مدى حبه لزوجته ومدى اهتمامه بها وعدم قدرته على رؤيتها حزينة أو الزواج عليها، وقال لها أنه سعيد معها وراضي بقضاء الله ومشيئته .
خاصمت الأم ابنها وزوجته وعاشت سنوات طويلة ترفض حتى اللقاء بهما على الرغم من محاولتهما الدائمة لإصلاح الأمر ولكن دون جدوى حتى مرت سنوات على الفراق .
بعد سنوات حدث أمر غاية في العجب، كان لدى هذه الأم ابنة أخرى تدرس في الجامعة، لكن بعد تخرجها تقدم اليها شاب وتم الزواج بسرعة، وبعد مرور عدة أشهر على الزواج اكتشفت الابنة أنها لا تنجب، وعندما علم زوجها بالأمر طلقها على الفور ودون تفكير، فهو لم يكن يحبها ولا يكن لها أي مشاعر.وهكذا عادت الابنة إلى أمها الظالمة، مطلقة بسبب أنها عاقر لا تنجب، ولكن يبدوا أن الأم حينها أدركت أن الله يرسل لها رسالة فقد ظلمت ابنها وزوجته كثيراً .
أسرعت الأم إليهما تطلب منهما العفو والسماح، وهنا اكتشفت أنهما قد أنجبا طفلاً جميلاً أصبح بعمر العامين ، وقد حرمت نفسها منه بسبب رفضها الدائم للقاء ابنها وزوجته وعدم السماح لهما حتى بالتحدث معها ولو مرة واحدة ، هذه هي عاقبة الظلم .