قصة إذا اجتمع الجوع والبخل
يروى أن أحد الحكماء ضربه الجوع بشدة، بينما هو يسير في طريقه إلى أحد القرى، فلما اقترب من أحد القرى شاهد رجلاًَ يربط حبلاً في رقبة قط ويجره وهو يلبس نعالا في رجله اليمنى فقط .فقال الحكيم مستنكراً ما شاهده : لماذا تفعل هذا يا رجل ، كيف سمحت لك نفسك أن تفعل هذا بقط مسكين ، ألا يوجد في قلبك رحمة؟
نظر الرجل نحوه في حيرة ولم يتفوه بكلمة واحدة ومن ثم أكمل طريقه، مشى الحكيم وسط القرية لعله يجد من يتصدق عليه ولكنه تفاجئ أن أهل القرية أيضاً يعانون من الجوع والبخل .
فقال في نفسه : أظن أن قبري سيكون في هذه القرية، لأن جوعي ربما يكون قاتلي، ففكر قليلاً ثم قال: ما نفع الحكمة إن لم تنفع صاحبها في جوعه !
فصرخ في الشارع منادياً : أيها القوم لدي خبر لكم، إنني شيخ حكيم عابر قريتكم وبوسعكم أن تسألوني عن أي شيء يخطر في بالكم .فقال أحد رجال القرية وهو يلبس نعال في رجله اليسرى فقط : أنا أريد ان أسئلك أيها الحكيم .قل لي من الذي سرق نعالي الأيمن ؟وسألت امرأة من بين الحضور أيضاً : لماذا لا نستطيع الطيران أيها الحكيم ؟وسأل رجل آخر وهو يقول : هل خلق البحر قبل الأرض أم خلقت الأرض قبل البحر أيها الحكيم ؟وكان كل من في القرية يسأل الحكيم ؟
فقال الحكيم : حسناً سوف أجيبُ على بعض الأسئلة اليوم وسأكمل الباقي غداً ؟!أما اجابة السؤال الأول : تسأل أيها الرجل من الذي سرق نعالك الأيمن ؟ أظن أني شاهدت من يلبس نعالاً واحداً في رجله اليمنى، ويجر قطا فهوا الذي سرق نعالك .
فقال الرجل : عرفته إنه المجنون مرداس أيها الحكيم .
فقال الحكيم أما إجابة سؤال المرأة : لماذا لا نستطيع الطيران، فأرجوكِ أحضري سبع دجاجات و اذبحيهم وسوف نأخذ ريشهم ونصنع لك جناح ومن ثم تطيرين بهِ كالدجاج .فذهبت المرأة وأتت بالدجاج وذبحوه وصَنعت من ريشه جناحاً ،وقال لها الحكيم سوف تطيرين حينما يصغرُ حجمكِ قليلاً .
أما السؤال الثالث أيها السادة كان : أيهما خُلق قبلاً البحر أم الأرض، فأرجوا أن تأتني بماعون كبير وفيه ماء، فذهب الرجل وأتى بعد قليل وبيده ماعون فيه ماء، فوضع الحكيم الدجاجات في الماعون وأشعل نارا تحتها، حتى نضجت الدجاجات .وبعد ذلك أخرجها من الماعون وقال للرجل : أما جواب سؤالك هل خَلق الله البحر قبل الأرض، فلنفرض ذلك فكيف كانت المياه تثبت في مكانها ؟ولكن الرب خَلق الأرض وبعدها خَلق البحر، أما الآن لنأكل الدجاجات ونشبع قبل أن تسألوني هل خُلق الدجاج قبلاً أم الإنسان .فعلاً إنه حكيم وإلا كيف كان سيأكل الدجاج في القرية البخيلة .إذا اجتمع الجوع والبخل في أمة، فلا بد للغباء أن يكون من صفاتهم .