كان ياما كان ، في أحد أحراش إفريقيا ، كان هناك أسد يعيش حياة سعيدة ، فقد تميز بسرعته الفائقة ومهارته في الصيد ، وقد كانت جميع الحيوانات تخشاه ، وكانت تحسب له ألف حساب .
ولكن دوام الحال من المحال ،فبعد مرور الزمن طعن الأسد في السن ، وانخفضت سرعته ، وندر صيده ، وسرعان ما اكتشفت حيوانات الغابة عجزه ، فأصبحوا يلقبونه بالأسد الخائب .
أصاب الجوع الأسد العجوز ، واضطر إلى المكوث في عرينه دون حراك ، وفي يوم من ذات الأيام ، اقترب غزال من العرين ، فسمع أنين الأسد الهرم العجوز ، فناداه قائلًا : ما بك أيها الأسد ؟ لماذا أنت تئن هكذا .
فأجاب الأسد العجوز ، بصوت شديد الإرهاق ، قائلاً : إنني مريض جدا ، وأظن أن الموت يتربص بي ! أرجوك يا صديقي ، اقترب واسقني شربة ماء ، فتعاطف الغزال مع الأسد العجوز ، واقترب منه حتى يسقيه شربة الماء ، ولكن الأسد استجمع ما بقي له من قوة ، وارتمى على الغزال المسكين وافترسه .
وهكذا تعلم الأسد حيلة جديدة ، أنقذته من هلاك الجوع ، فصار يكررها مع كل حيوان ، يقترب من عرينه.وفي يوم من الأيام اقترب الثعلب من العرين ، فسمع الأسد يئن ، فناداه قائلا: لماذا أنت تئن أيها الأسد ؟ فأجابه الأسد بصوت شديد الإرهاق كالمعتاد ، قائلاً : أنا احتضر يا صديقي ! أرجوك اقترب مني ، واسقني شربة ماء أخيرة .
ولما همّ الثعلب بالاقتراب ، نظر إلى الأرض ، فرأى آثار أقدام العديد من الحيوانات المتجهة نحو الأسد ، ففهم بفضل فطنته خطة الأسد. فقال له : أيها الأسد الماكر .. تريد أن تفترسني كما افترست بقية الحيوانات التي اقتربت من عرينك ؟
فأجاب الأسد مرتبكا دون تفكير، قائلاً : كيف عرفت ذلك ؟ فأجابه الثعلب الذكي ، قائلاً : عرفت من آثار الأقدام الموجودة على الأرض ، سوف أفضح أمرك في الغابة كلها ، حتى لا يقع حيوان آخر في شركك .
وهكذا انتهى أمر الأسد العجوز ، لما حاول المكر بمن هو أكثر منه ذكاء ومكرا، فالخداع أنفاسه قصيرة ولابد أن يكشف يومًا.