قصة البر لا يبلى والذنب لا ينسى
يروى في قديم الزمان عن أب ماتت زوجته وتركت له خمس بنات، وكانت أكبرهن تهتم بوالدها وبأخواتها كثيرا ،فكانت مثل أم لهن ،وبعد سنوات كبرن الفتيات، فتقدم لخطبتهن أربع رجال ،فأراد الأب أن يزوج الكبيرة ثم التي تليها ثم التي تليها، ثم التي تليها .
ولكن البنت الكبرى رفضت الزواج لأنها أرادت أن تهتم بوالدها وتخدمه ،فزوَّج الأب أخواتها الأربع، وجلست البنت الكبرى تهتم بوالدها وتعتني به .
مرت السنوات ومات الأب وبعد وفاته فتحوا وصيته فوجدوه قد كتب فيها : لا تقسموا البيت حتى تتزوج أختكم الكبرى التي ضحت بسعادتها من أجل سعادتكم .
ولكن الأخوات الأربع رفضن الوصية وأردن أن يبعن البيت لتأخذ كل واحدة منهن نصيبها من الميراث، دون مراعاة أين ستذهب أختهن الكبرى التي ليس لها مأوى سوى هذا البيت من بعد الله عز وجل .
ولما أحست الأخت الكبرى أنه لا مفر من تقسيم البيت ذهبت إلى من اشترى البيت، وقصت عليه قصة وصيّة والدها وبأنها ليس لها إلا هذا البيت يأويها وعليه أن يصبر عليها بضعة أشهر لأنها أرادت أن تمكث في بيت أبيها حتى تجد لها مكانا مناسبا تعيش فيه، فوافق ذلك الرجل على طلبها .
فتمّ بيع البيت وتم تقسيم البيت على البنات الخمس، وكل واحدة ذهبت إلى بيت زوجها وهي في غاية السعادة ولم تفكر إحداهن في مصير أختهن الكبرى .
ولكن أختهن كانت مؤمنة بأن الله لن يضيّعها لأنها لزمت مصاحبة والدها وعاشت في خدمته .
مضت الشهور وتلقت الأخت الكبرى مرسالا من الرجل الذي اشترى البيت بأنه يريد رؤيتها، فخافت وظنت أنه سيطردها من البيت .ولما أتاها قالت له : اعذرني أنا لم أجد مكانا بعد يأويني ويسترني .فقال لها : لا عليك أنا لم أحضر من أجل ذلك، ولكني أتيت لأُسلِّمكِ ورقة من المحكمة، لقد وهبت هذا البيت لك مهرًا، وإن شئتِ قبلت أن أكون لك زوجًا، وإن شئتِ رجعت من حيث أتيت وفي كلتا الحالتين البيت هو لك وحق لك .فقال لها أنه لن يجد زوجة أفضل منها ويأتمنها على حياته .فبكت الأخت الكبرى وعلمت أن الله لا يضيع عمل المحسنين، فوافقت على الزواج من ذلك التاجر الثري، وعاشت معه في سعادة تامة .
زوجا كريم، وبيت أبيها، هذه ثمرة بر الوالدين مهما فعلت من خير فلن يضيع الله أجرك ، فالبر لا يبلى والذنب لاينسى .