قصة الحلوى والسم
كان يا ما كان في قديم الزمان ،كان هناك كاهن وثلاثة تلامذة يعيشون معه في المعبد ، وكان هذا الكاهن يخرج كل يوم ، من خزانة الجدار جرة فيها نوع من الحلوى السائلة ، يلعق ما يشاء لوحده دون أية دعوة لتلامذته المريدين .
وذات يوم من الأيام ، سأله هؤلاء : يا حضرة المعلم ، تخرج من خزانة الجدار يوميا جرة وتعلق شيئا ما ، فما هو هذا الشيء يا ترى ؟ فقال الكاهن مواربا : هذا .. هذا سائل العظاية الزرقاء ، إذا تناوله الراشدون يكون دواء ، وإذا تناوله الصغار يصير سما شديدًا ، لذلك إذا تناولتم منه في غيابي ، سوف تموتون ، هل تفهمون!
أجابه التلامذة المريدون : نعم ، نعم ، لقد فهمنا جيدًا ، وانصرفوا من حضرته ، وكان بينهم واحد ذكي لمّاح ، تمتم وقال : لاشك أن هذه حلوى لذيذة ، سوف ألعق منها بأي شكل من الأشكال !.
وفي اليوم التالي ، خرج الكاهن للإشراف على إحياء بعض الطقوس البوذية ، وفي هذه الأثناء ، استدعى التلميذ الذكي زميلين له ، وقال لهما : لاشك أن الذي في هذه الجرة هو حلوى ، وليس سمًا أبدًا ، هيا لنلعقه معاً .
فقال أحدهما : إذا فعلنا ذلك ، سيغضب المعلم ويعاقبنا بعد عودته ، لالالا أنا لا أريد ..
غير أن التلميذ الذكي رد عليه قائلاً : لا تقلق ، لدي طريقة جميلة لئلا يغضب ويعاقبنا ، وقرر الاثنان ذلك .
ثم أخرج الثلاثة الجرة الكبيرة من خزانة الجدار ، وأخذوا يلعقون ويلعقون حتى امتلأت بطونهم وأتوا على كامل ما فيها ولما اقتربت عودة الكاهن ، رتب الثلاثة غرفته ونظفوها جيدًا ، ثم تناول التلميذ اللماح لوح الحجر الصغير الـ(سوزوري) الذي يفرك المعلم فوقه اصبع الحبر الجاف ، وهو أهم شيء بالنسبة للكاهن ، وألقاه فوق حجارة الممشى ، أمام باب المعبد فانكسر وتحول شظايا ، وقال لزميله : لا بأس هذا يكفي ، عندما يعود المعلم ، نبدأ بالبكاء معًا بإشارة مني.
ولم يمض وقت طويل ، حتى أطل الكاهن المعلم فوق الممشى الحجري أمام المعبد ، فأخذ المريدون الثلاثة بالعويل والبكاء بصوت مرتفع ولما رأى الكاهن ذلك ، استغرب وسألهم : عجيب ، ما لكم لماذا تبكون هكذا ؟!. فقال التلميذ الذكي وهو يبكي بشدة ، لقد ارتكبت أثناء غيابك ، أمرًا فظيعًا !.
فقال الكاهن : ماذا فعلت ، هيا أخبرني ؟!
فقال التلميذ : بينما كنا نرتب غرفتك اليوم وننظفها ، لاحظت أن لوحك الحجري المهم متسخ ، فأخذته ورحت لأغسله في النهر ، لكنه سقط من بين يدي أمام باب المعبد وانكسر ، فرأيت أنني ارتكبت شيئًا فظيعًا ، وقررت أن انتحر لأعتذر لحضرتك عن ذلك ، لكن لم أعرف كيف انتحر!. ثم تذكرت أنك كنت تقول لنا دائمًا : ما في الجرة هو سائل العظاية الزرقاء ، إذا تناوله الصغار يموتون فورًا ، لذلك قررت أن آكل منه لأموت !.آنذاك ، قال لي زملائي : إذا انتحرت أنت ، سننتحر جميعًا معك أيضًا ، لكننا نحن الثلاثة ، أكلنا من سائل العظاية الزرقاء الذي في الجرة ، ولم نموت ، فقلنا إذا أكلنا منه أكثر سنموت حتما ، وأتينا على كل ما في الجرة بالكامل ومع ذلك لم نمت بعد ، ولهذا كنا نبكي لنعتذر لحضرتك عما فعلنا ..
لما سمع الكاهن ذلك لم يستطع أن يغضب ويعاقبهم ، مع أنه كان يريد ذلك ، فهمهم وقال : هم ، هم … أفهم ، أفهم …. الحقيقة أن ما في الجرة ليس سمًا ، بل هو حلوى ، قلت لكم آنذاك ما قلت ، كي لا تأكلوه ، لا بأس ، لا بأس ، لا جدوى من الكلام على شيء أكلتموه ، أنهى الكاهن كلامه وعفا عن التلامذة المريدين … وانتهت الحكاية .