قصة الخادمة الصغيرة
قبل سنوات عدة، كانت تأتي إلينا إحدى المربيات أو الخادمات ،كانت تهرب وتفارق المنزل من قسوة زوجي المفرطة، وفي إحدى المرات أتى إلينا أحد المزارعين بفتاة صغيرة تبلغ من العمر عشر سنوات وطلب من زوجي أن يجعلها تعمل عندنا كخادمة.و بالفعل بسبب رفض المكاتب إرسال خادمات ومربيات لنا قبلنا بها، وغادر والد الفتاة المنزل وترك الفتاة لدينا وكانت تبكي وتتشبث به كي لا يتركها ولكنه تركها والدموع في عينيه من أجل لقمة العيش.
بعد مغادرة والدها مباشرة طلبت منها أن تذهب للمطبخ لغسل الأطباق وتحضير الغداء، ولم أرحمها أو أشفق عليها، وكذلك زوجي كان كثيرا ما يضربها ويسيء إليها إن أخطأت، وكان أحيانا يقوم بلسعها بسلك الكهرباء، وللأسف كنت أشاركه في تعذيب تلك الفتاة بعض الأحيان بضربها وأغلب الوقت بالسكوت عن إيذائها .
كانت لا تخرج من المنزل إلا لجلب الخضروات ومتطلبات البيت، وكانت أول من يستيقظ في المنزل وآخر من ينام كل يوم، كانت تخرج مع ابني وابنتي عند ذهابهم للمدرسة ،لا لتذهب معهم ولكن لتحمل لهم حقائبهم إلى أن يأتي باص المدرسة.
مرت عشر سنوات وتلك الطفلة المسكينة في عذابها معنا إلى أن كبرت ،وفي يوم من الأيام خرجت الفتاة من المنزل ولم تعد، وحين بحثنا عنها علمنا أنها كانت تتحدث مع صبي الجزار في حين ووافقت على الزواج منه فقط للتخلص من عذابنا ومعاملتنا لها.
وبسبب سلطة ونفوذ زوجي أرجعناها إلى المنزل وتفنن الجميع في تأديبها أو بمعنى أدق تعذيبها، فقد قام زوجي بتعذيبها عن طريق الكهرباء وقام ابني بركلها في جسدها، لكن ابنتي امتنعت عن فعل أي شيء فدائما ما كانت تشعر بالشفقة تجاه تلك الفتاة.
بعد فترة لاحظنا جميعا أن الفتاة كثيرا ما تتعثر أثناء مشيها وكثيرا ما تسقط الأطباق والكاسات من يدها، وعندما عرضناها على الطبيب حتى نرى إن كانت تكذب أم أنه أصابها مرض ،فقال لنا الطبيب أنها فقدت معظم بصرها ولا تستطيع أن ترى سوى ما تحت قدمها فقط .
ورغم كلام الطبيب لم نرحمها بل كنا نعنفها ونضربها إن كسرت شيء أو أتت بخضراوات غير طازجة، وفي يوم من الأيام خرجت تلك الفتاة من المنزل ولم تعد إليه مرة أخرى، وفي هذه المرة لم نبحث عنها ونسينا قصتها.
مرت السنوات وأحيل زوجي إلى المعاش وفقد سلطته، وتزوج ابني وكنا سعداء وفي مأمن من مكر الدنيا، وحملت زوجت ابني وفرحنا كثيرا لكن فرحتنا لم تكتمل، لأن يوم الولادة أخبرنا الطبيب أن الطفل أعمى لا يبصر، حزنا حزنا شديدا وضاقت بنا الدنيا، لكن الأطباء قالوا لنا أن هذا الأمر يحدث ولا يستوجب أن يكون باقي اخوته مثله، ونصح زوجة ابنى أن لا تفقد الأمل في انجاب طفل سليم مرة أخرى وتطمئن، وبالفعل حملت زوجة ابنى وأنجبت فتاة جميلة وكملت فرحتنا عندما أخبرنا الطبيب أن الفتاة ترى بشكل جيد.
لكن بعد فترة لاحظنا أن نظر الفتاة في اتجاه واحد وعينيها لا تتحرك، فذهبنا بها للطبيب الذي أخبرنا أنها نظرها ضعيف بشدة وتوشك أن تفقده، حينها تحولت حياتنا لجحيم .وبعد أيام مرض زوجي ونقلناه لمصح نفسي، وحينها فقط تذكرت تلك المسكينة التي مرضت في منزلنا ولم نعالجها بل كنا نعذبها أشد العذاب.