قصة الذئب الخائن
إزدادت هجمات الصيادين على الغابة ، وأصبح لا يمر يوم إلا ويظفروا ببعض الحيوانات ، وصارت الحيوانات غير آمنة ، وساد الرعب بينها ، وزاد خوف الحيوانات على صغارها الضعيفة .
ولذلك أعلن الأسد – ملك الغابة – عن عقد إجتماع كبير بين الحيوانات ليبحث هذه المشكلة الكبيرة ، وفي الإجتماع الطارئ طلب منهم تقديم الإقتراحات والأفكار .
قال الفيل : إن الصيادين يأتون في وقت مبكر جدّا قبل أن تستيقظ الحيوانات من نومها ، لذلك عليها أن نعين حراسة بالتناوب ، لتقوم بتنبيه الحيوانات ، ولتقوم الحيوانات الحارسة بإيقاظ الحيوانات النائمة،كي تهرب قبل دخول الصيادين .
فقال الصقر : إن نظري قوي ، وأستطيع أن أراقب مدخل الغابة ، وسوف ننشئ حراسة خاصة من فوق الشجر ، بالتعاون مع زملائي الصقور.
قال الأسد : هذا جيد جدّا أيها الصقر ، وسوف يساعد ذلك في الرصد المبكر لهجوم الصيادين .
فقال القرد : وسوف تقف مجموعة من القرود فوق التلال والأشجار القريبة من مدخل الغابة ، لتلقي الحجارة علي سيارتهم كي تعطل حركتهم ، حتى تهرب الحيوانات .
قال الثعلب : والأهم من هذا أن نقوم بإفساد الطريق المؤدي إلى مدخل الغابة ، فلا تستطيع السيارات المرور فيه والدخول إلى الغابة .
قال الأسد : هذا هو أهم إقتراح ، ولكن لا تنسى أن هناك طرقًا أخرى لدخول الغابة .
قال الثعلب : ولكن الصيادين لا يعرفونها .
قال الفيل :علينا أن نخفي هذه الطرق البديلة بوضع فروع الأشجار المتكسرة عليها ، كي لا تبدوا صالحة للسير فيها .
قال الأسد : هذه خطة محكمة وجيدة .
قال الفيل : لكنها لن تؤتي ثمارها إلا بشيء هام جدّا .
صاح الجميع في صوت واحد : ما هو ؟
فقال الفيل الحكيم : ستنجح الخطة بشرط أن يؤدي كل حيوان دوره بإخلاص.
قال الأسد : هذا ركن هام في أي عمل أيها الفيل،وأشكرك أن نبهتنا لأهميته .
وفي اليوم التالي جاء الصيادون إلى الغابة فوجدوا الطريق مغلقًا ، ووجدوا مقاومة من الحيوانات لم يعتادوها ، فرجعوا على أمل الرجوع في وقت آخر ، وبعد عدة محاولات ، لم يفلح فيها الصيادون في دخول الغابة ، قال رئيسهم: إن هذه الغابة صارت مغلقة أمامنا ، لن تستطيعوا أن تظفروا منها بحيوان بعد الآن ،فقال أحد الصيادين : لقد أحكموا إغلاق ومراقبة الطريق وقاموا بمهاجمتنا .
قال ثالث : لا بد أن يكون هناك طريق آخر ندخل منه إلى الغابة .كيف لنا أن نعرفه ؟
قال رئيس الصيادين :لن يخبرنا به إلا أحد الحيوانات .
الصياد:ومن أين لنا بهذا الحيوان ؟
رئيس الصيادين: دعوني أحاول البحث عن حيوان نستميله معنا .
الصياد:ويخون زملائه الحيوانات ؟
رئيس الصيادين: لا تسميها خيانة ، ولكن دعنا ندعوها شيئًا آخر مثل الطموح أو تشغيل العقل وتفتيح الفكر .
الصياد:إفعل ما تشاء .
ذهب زعيم الصيادين يحوم حول الغابة، فوجد الصقر واقفًا فوق شجرة قريبة فقال : أيها الصقر ، إني أراك صقرًا ذكيّا وإن عندي لك نوعًا من الحبوب يخص الصقور الملكية ، وأبحث عن صقر مثلك كي أعطيه إياه.
الصقر:مقابل ماذا ؟
الصياد:بدون مقابل .
الصقر:كيف ؟
رئيس الصيادين:أريد شيئّا بسيطًا جدّا ، فقط تخبرني عن طريق لدخول الغابة .
الصقر:الطريق مغلق.
رئيس الصيادين:إذا أخبرتني عن طريق بديل فإن هديتك جاهزة .
الصقر:إحتفظ بهديتك لنفسك ، فإني إن أخبرتك عن الطريق فسوف يدخل الصيادون ويظفرون بزملائي وجيراني من الحيوانات ، وحينئذِ لن يكون طعامي من حبوبك الملكية التي ذكرتها ، ولكن .
رئيس الصيادين:لكن ماذا أيها الصقر ؟
الصقر:سوف يكون لحوم أحبائي الحيوانات الذين سوف تصيدونهم .
فانصرف زعيم الصيادين ، وذهب يبحث عن حيوان آخر يدله على طريق ينفذ منه للغابة ، فلمح الصياد ذئبًا يسير وحده ، فقال : أيها الذئب المسكين ، لماذا تسير وحدك ؟ أليس لك أصدقاء ؟
الذئب:كل الحيوانات لا تحب جواري أو صحبتي .
رئيس الصيادين: لماذا ؟
الذئب:يقولون عني إنني سيئ الخلق ، وغير أمين .
قال الصياد في نفسه : لقد وجدت بغيتي ، أنت الذي أبحث عنك .
رئيس الصيادين:أيها الذئب المسكين ، لن تكون وحيدًا بعد اليوم ،لقد صرنا أصدقاء ، من الآن سوف تجدني صديقًا وفيّا متعاونًا .
الذئب:كيف ذلك ؟
رئيس الصيادين:دعنا نلتقي غدًا في نفس المكان , وسوف تعرف .
وفي اليوم التالي جاء الصياد ومعه خروف عظيم ، وقال : لقد جئت إليك أيها الصديق ومعي هدية تكون بداية للصداقة بيننا .. سال لعاب الذئب وزاغت عينه على الخروف ، وقال : أنت حقًا صديق وفيّ ، ولما هم بالإقتراب من الخروف ، منعه الصياد وقال : ولكن قبل ذلك لي عندك مطلب بسيط أيها الصديق.
الذئب: ما هو ؟
رئيس الصيادين:أن تدلني على طريق لدخول الغابة غير الطريق الكبير المغلق .
الذئب:هذا شيء بسيط ، إتبعني وسوف أدلك عليه .
وسار الصياد خلف الذئب حتى عرف الطريق البديل، وتأكد من وصوله إلى داخل الغابة , حينئذِ قال للذئب : هيا بنا نعود كي تأخذ هديتك الثمينة ، ولما عاد الإثنان إلى سيارة الصياد، أمسك الصياد سلاحه وأطلق النار على الذئب فقتله .
وفي اليوم التالي ، فوجئت الحيوانات بهجوم الصيادين ، الذين قتلوا وأسروا عددًا من الحيوانات .
وبعد الفاجعة ، قال الأسد : لقد نفذ الصيادون من نقطة ضعف فينا ، دعونا نفكر ما هي ؟ كيف عرفوا الطريق الجديد؟
قال الصقر : لابد أن هناك خائناً هو الذي ساعد الصيادين ، ثم روى حكايته مع الصياد الذي حاول أن يخدعه بالحبوب الملكية .
قال الأسد في غضب : نريد أن نعرف الخائن.
وفي اليوم التالي عاد الصقر إلى الأسد وقال : لقد عرفت الخائن ، وأرشد الأسد إلى مكان الذئب المقتول .
قال الأسد : حقّا ، إن آفة التعاون الخيانة .
قال الصقر : وغالبًا ما يكون الخائن أول الخاسرين .
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي