قصة الرجل الفقير الذي مات في السوق
يقول أحدهم في يوم من ذات الأيام وبينما أنا في السوق ،سمعت أن أحد المواطنين ممن تظهر عليه علامات قهر الزمان والفقر يقول لأحد البائعين : بكم كيلو البطاطس ؟!فرد عليه البائع قائلا : بسبع جنيهات يا عم .فقال له الرجل : أيمكن أن تزن لي نصف كيلو بثلاثة جنيهات لأن ما معي غير كافي فنظر له البائع باحتقار وقال له : اذهب من هنا لا مجال للمتسولين عندي فأنا ألقي البطاطس أرضاً ولا أعطيها لك …فجاءت ابنة الرجل الصغيرة وأمسكت بيد أبيها وقالت له : هيا يا أبى ليس من الضروري العشاء اليوم فنظر إليها أبيها بحزن شديد لم يرى مثله طيلة حياته ،وأكمل طريقه وكنت خلفهم مباشرة.وفجأة انهمرت الدماء من أنفه وفمه وسقط على الأرض مغشيا عليه وانقطع نفسه .
فاجتمع المارة حوله ،وبعد دقائق نزل أحد الأطباء من عيادته الخاصة الموجودة بتلك المنطقة ونظر إلى الرجل ووضع السماعة على قلبه ثم نظر إلى من حوله وقال لهم : ” البقاء لله” فهذا الرجل قد مات !
فسقطت الابنة الصغيرة مغشيا عليها وترحم الجميع على الرجل وقاموا بحمله في إحدى السيارات وذهبوا به إلى المستشفى ،لحقت بهم وسألت الطبيب : ما هو تفسيرك لحالة الوفاة لهذا الرجل فهو سقط فجأة !فقال لي : إنه تعرض لضغط عصبي شديد أدى إلى ارتفاع الضغط بشكل كبير وحدث للأسف انفجارا داخلي .
وهنا فقط علمت أن الرجل مات مكسوراً لأنه لم يستطع توفير وجبة العشاء لأطفاله ،مات بعد أن رأى الدموع في عيون فتاته الصغيرة ورؤيتها وهي تواسيه بدلا من أن يطعمها هو ،مات بعد أن مد يده وأذل نفسه لأخ له في الإنسانية لكنه لم يرحمه ،فقرر أن يترك دنيانا إلى دنيا أخرى قد تكون أحن عليه من دنيا البشر .
عدت للبيت والحزن يأكلني وأخبرت زوجتي بما حدث في السوق ،أخدت تواسيني وتقول أن أمر الله كان نافذا .وفي اليوم التالي أخدت العنوان من المستشفى وذهبت لجنازة الرجل وأنا مكسورا حزينا فأنا لا أعلم ماذا أفعل ،عدت بعد الجنازة للبيت فوجدت زوجتي مستعدة فقلت إلى أين ،قالت خدني لهذه العائلة حتى أواسيهم ،وعند الانطلاق وجدت زوجتي كانت قد حضرت حاجيات لتأخذها معها من ملبس ومأكل لبيت هذا الرجل .
أخدت زوجتي لهم وتركتها عندهم وعدت لمحل الرجل الذي أهان ذلك الرجل المسكين ،وقصصت عليه القصة وقلت له أن موت القلب أشد من موت الجسد ونحن لا ندري كيف نموت ولا أين ،فأنت أخدت وزر الرجل بسيف لسانك وقبح كلماتك ،وهذه العائلة اليتيمة ستدعو عليك طوال حياتك ،وذهبت وتركته مذهولا من وقع الخبر عليه كالسيف .أكملت قولي لكل الموجودين أنني أيضا قصرت في حق الرجل وكل من شاهد هذا الموقف ولم يحرك ساكنا بمساعدته حتى بالقليل لشراء قوت عياله ،فأنا كنت شديد الندم على ما حدث أمامي وموقفي السلبي منه .
العبرة :رفقاً بالفقراء ما أقبح الكلمات ،تأكلَ من قلوبِ إخواننا ،ونحن لا ندري! انتبه لكلماتك ..! لا تقتل أحداً بسيفِ لسانك ،فإن موت القلوب أشد من موت الأجساد.