قصة السلطان سليمان القانوني والنمل
في يوم من ذات الأيام أخبر موظفي القصر الملكي للسلطان سليمان القانوني باستيلاء مجموعة من النمل على جذوع الأشجار في قصر طوب قابي، وبعد استشارة الخبيرين في هذا الموضوع، تم الاتفاق على دهن جذوع هذه الأشجار المصابة بالجير للتخلص من النمل وحل هذا الأمر .ولكن كان من عادة الخليفة العثماني السلطان سليمان القانوني حين يقدم على أمر ما أن يأخذ رأي مفتي الدولة أولاً، وكان لقب المفتي في هذا الوقت شيخ الإسلام .
ذهب السلطان سليمان القانوني بنفسه إلى شيخ الإسلام أبي السعود أفندي يطلب منه الفتوى، فلم يجده في مكانه .فكتب له رسالة ببيت شعر يقول فيها : إذا دب نمل على الشجر فهل في قتله ضرر ؟
بعد أن رأى الشيخ رسالة السلطان بعث له على الفور قائلاً : إذا نصب ميزان العدل أخذ النمل حقه بلا وجل، وذلك في إشارة منه لأمر أعظم وأهم بكثير من أمر النمل والشجر .
وهكذا كان دأب السلطان سليمان القانوني، حيث أنه لا يكاد ينفذ أي أمر في الدولة إلا بفتوى من شيخ الإسلام، أو من الهيئة العليا للعلماء في الدولة العثمانية في ذلك الوقت .
وبعد أن توفي السلطان في معركة زيكتور خلال سفره إلى فيينا، عادوا بجثمانه إلى مدينة اسطنبول، وخلال التشييع اكتشفوا أن السلطان قد أوصى بوضع صندوق معه في القبر، تحير الجميع من هذا الأمر وظنوا أنه قد ملئ هذا الصندوق بالمال أو المجوهرات، فلم يجيزوا اتلاف هذا تحت التراب وقرروا فتحه ومعرفة ما به .
وكانت الدهشة والمفاجأة الكبرى للجميع عندما وجدوا أن الصندوق ممتلئ بفتاوي العلماء، حتى يدافع بها السلطان عن نفسه يوم الحساب، فبكى الشيخ أبو السعود مفتي الدولة العثمانية قائلاً : لقد أنقذت نفسك يا سليمان، فأي سماء تظلنا وأي أرض تقلنا إن كنا مخطئين في فتاوانا ؟