قصة الصحابي أبو بكر الصديق

هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القريشيّ التّيميّ، يلتقي نسبُه مع النّبي صلى الله عليه وسلم عند مرة بن كعب، يُكنّى بأبي بكر، وهو أوّل الخُلفاء الرّاشدين، وأوّل المُبشَّرين بالجنّة، وُلد بعد عام الفيل لعائلةٍ كريمةٍ عزيزةٍ في قومِها، نشأ فيها نشأةً طيّبة، والدُه عثمان يُكنّى بأبي قُحافة، بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم يوم الفتح، وأمُّه سلمى كُنيتها أمُّ الخير، وقد أسلمت مبكرًا.
كان يوصف رضي الله عنه وأرضاه بأنّه أبيضُ اللون، نحيفُ البدن، ذو قامةٍ حسنة، أجنأ؛ أي لديه ميلٌ في ظهره، دقيق الساقَيْن، وخفيف العارضَين، ولحيته مُخضّبةٌ بالحنّاء.كان رضي الله عنه أحد أشراف قريش ووجهائهم قبل الإسلام، وكان في الجاهليّة يسقي الحجيج، ويُضيِّف النّاس، كانوا يستعينون به في نائباتهم ومصائبهم؛ لعلمهم بخُلُقه الحسن، فقد كانوا يُحبّونه ويعترفون له بالفضل، وقد اشتهر أيضًا بكرمه، وإنفاقه للمال بسخاء، كما أنّه لم يسجد لصنمٍ أبدًا؛ فقد حمله عقله النيّر وفطرته السليمة القويمة لرفض ذلك، وتحريم الخمر على نفسه كذلك قبل الإسلام، وأما بعد الإسلام فكان المؤمن الشُّجاع الذي يُدافع عن النّبي صلى الله عليه وسلم، ويتحمّل الأذى في سبيل الدّين والدّعوة.
لقّبه النبي صلى الله عليه وسلم بالصدّيق لكثرة تصديقه له، وأجمع الكلُّ على صدقه؛ فقد كان أول من أسلم من الرّجال، وروت السيدة عائشة رضي الله عنها أنّه لمِا أُسريَ بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر النبي بعد رجوعه بخبره، كذّبه الناس، وأصبحوا يَتحدّثون عنه، وجَاؤوا إلى أبي بكر وقالوا له: صاحبك يزعم أنه أُسرِي به الليلة إلى المسجد الأقصى! قال لهم: أهو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال لئن قال ذلك فقد صدق، فكان أول المصدّقين له ولدعوته، و بذلك استحقّ لقب الصّدّيق.
لقد تزوّج أبو بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه من أربع نسوة، هنّ: قتيلة بنت عبد العزِى، وأم رومان بنت عامر، وأسماء بنت عُمَيس، وحبيبة بنت خارجة، أنجبن له ثلاثة ذكور وثلاثة إناث، وهم: عبد الرحمن، وعبد الله، ومحمد، وأسماء ذات النّطاقَين، وعائشةُ أمُّ المؤمنين، وأمُّ كلثوم وأولاده أسلموا جميعهم، فكان بيته بيت إيمان، وأهله أهل صدقٍ وإيمان.
تُوفّي رضي الله عنه في الثّاني والعشرين من جُمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، وقد أوصى أن يُدفن بجانب الرّسول صلّى الله عليه وسلم وكان له ذلك، وأن تُغسّله زوجته أسماءُ بنت عُميس، وكان آخر ما تلفّظ به في حياته قبل ارتقاء روحه الآية القرآنية: (توفّني مُسلمًا وألحقني بالصّالحين) [يوسف:١٠١] وكان يومًا حزينًا بكى فيه الناس لفُقدانهم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل المُصدّقين له، وأكثر الناس إيمانًا وإخلاصًا، رضي الله عنه وأرضاه.

Exit mobile version