قصة الصياد الذي يذكر الله كثيرا

كان ياما كان في قديم الزمان ،كان لرجل صيّاد ثلاث بنات ،وكان في كل يوم يصطحب إحداهنَ معه إلى شاطئ البحر ،ثم يعود في المساء ،وقد امتلأت سلَّته بالسمك الكثير.وبينما كان الصياد يتناول الطعام مع بناته في أحد الأيام ، قال لهن : إن السمكة لا تقع في شبكة الصياد إلا إذا غفلت عن ذكر الله ….قالت إحداهن : وهل يذكر الله ،ويسبحه أحد غير الإنسان يا أبي؟قال الصياد : إنّ كل ما خلقه الله تعالى من مخلوقات يسبح لله ،ويعترف بأنه هو الذي خلقه ،وأوجده ،فالعصافير وغيرها من الطيور ،وحتى الحيتان الكبيرة ،والسمك الصغير وكل ما في البحر و على الأرض يفعل ذلك.
تعجبت الفتاة من كلام أبيها ،وقالت : لكننا لا نسمعها تسبح لله ،ولا نفهم ما تقوله !!ابتسم الأب وقال : وما من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنّ كل مخلوق له لغة يتفاهم بها مع أفراد جنسه ،والله تعالى على كل شيء قدير.ولما حان دور ليلى ،وخرجت مع أبيها ،قررت أن تفعل أمراً ،ولكنها لم تخبر أحداً به.وصل الأب إلى شاطئ البحر ،ورمى بصنارته ،وهو يسبح ويستغفر ويدعو الله تعالى أن يرزقه ويغنيه ،وبعد قليلٍ تحرَّك خيطُ الصنارة فسحبه ليخرج سمكة كبيرة لم ير مثلها من قبل ،ففرح بها ،وناولها لابنته ليلى ،لتضعها في السلة ،ثم رمى مرة بعد مرة وفي كل مرة كان يصطاد سمكة كبيرة.
ولكن ليلى الصغيرة كانت تعيد السمكة إلى النهر مرة أخرى !وحين أقبل المساء ،وأراد أبوها أن يعود إلى المنزل نظر في السلة فلم يجد شيئا !فتعجب أشد العجب !!وقال : أين السمكات يا ليلى ! وماذا فعلت بها ؟قالت ليلى : لقد أعدتها إلى البحر يا أبي.قال الأب : وكيف تعيدينها ،وقد تعبنا من أجلها !؟قالت ليلى : سمعتك يا أبي تقول يوم أمس: إن السمكة لا تقع في شبكة الصياد إلا حين تغفل عن ذكرِ الله ، فلم أُحب أن يدخل إلى بيتنا شيء لا يذكر الله تعالى.
نظر الصياد إلى ابنته ،وقد ملأت الدموع عينيه وقال : صدقتِ يا بنيتي.وعاد إلى المنزل ،وليس معه شيء …
وفي ذلك اليوم كان أمير البلدة مع حراسه يتفقد أحوال الناس ويتبرع بالمال للمحتاج ،فاحس بالعطش ولكن لم يكن معهم الماء ولما وصل إلى بيت الصياد طرق أحد الحراس الباب ،وطلب شربة ماء للأمير .
فحملت رضوى أخت ليلى الماء ،وأعطته للأمير وهي لا تعرفه ،فشرب وحمد الله ،وسألها عن حالهم !فقالت : أبي يعمل صيادآ ونحمد الله على رزقه.أخرج الأمير كيسا فيه مئة درهم من صندوق التبرعات ،وقال : خذي يا صغيرتي هذه الدراهم هدية مني لكم ،ثم مضى.فأغلقت رضوى الباب ،وهي تكاد تطير من الفرح ،ففرح أهل البيت ،وقالت الأم : لقد أبدلنا اللهُ خيراً من السمكات!ولكنَّ ليلى كانت تبكي ،ولم تشاركهم فرحتهم فتعجّبوا جميعاً من بكائها ،وقال الأب : ما الذي يبكيك يا ليلى ،إنّ الله تعالى عوّضنا خيراً من السمك .قالت ليلى : يا أبي ،أنا أبكي ولكن فرحآ فهذا إنسانٌ مخلوقٌ نظر إلينا وهو راضٍ عنا فاستغنينا وفرحنا بما أعطانا ،فكيف لو نظر إلينا الخالقُ سبحانه ،وهو راضٍ عنا ؟
قال الأبُ : وقد فرح بكلامها أكثر من فرحه بالدراهم : الحمد لله الذي جعل في بيتنا من يذكرنا بفضل الله تعالى علينا.

Exit mobile version