قصة الطائر الأزرق
كان هناك مجموعة من الطيور المهاجرة من مكان لمكان تبحث عن البيئة الدافية التي تستوطن فيها أثناء فصل الشتاء. وبينما كانت مجموعة الطيور تحلق في السماء . ضل أحد الطيور الطريق أثناء سفره مع عائلته،فشعر الطائر الأزرق الصغير بالحزن والتعب ، وعندما جاء الليل بعد قضاء الكثير من الوقت في البحث عنهم دون فائدة ، لجأ إلى كهف صغير وجده في سفح الجبل ، وبداخل هذا الكهف لم يكن هناك سوى عدد قليل من الأغصان الجافة والأوراق التي ألقتها الرياح .
وعلى الرغم من أنه لم يقلق بشأن إطعام نفسه، حيث أنه كان دائما ذكي جدا ويعتمد على نفسه في إيجاد طعامه ، ولكنه شعر بحزن عميق خاصةً عندما تذكر مقولة والديه : “لا تبتعد عنا عندما نهاجر ،” ، فقد كان والداه يكرران ذلك دائمًا له ، لكنه كان متحمسًا جدًا حول الأشياء الصغيرة التي كان سيكتشفها خلال رحلاتهم . وظن أنه سيكون هكذا متفتح الذهن ، يفكر في كل العجائب التي سيراها في رحلته ، ويرفرف بجناحيه على كل كنز جديد ، في حين يستمر الآخرون في الرحلة ولا يلاحظ أحد غيابه . ففي ذلك اليوم وبينما كان يطير رأى وميضًا من الضوء ، وهو انعكاس يخرج من الأشجار ، ودون أن يدرك ذلك انقض منخفضًا واقترب لرؤية ما هو مصدر الضوء الجميل ، فاكتشف بحيرة هائلة من المياه البلورية ، وتركه هذا المشهد متفاجئ تمامًا .
فقد كان يرى نفسه في انعكاس الماء ، وأخذ يصيح أوه كم هذا رائع! فهو لم يرَ شيئًا كهذا أبدًا ، خاصةً عندما بدأت الشمس تطلق أشعتها على الماء ، وأصبحت هذه الانعكاسات الذهبية الرائعة تشكل مشهدًا مذهلًا ، فأخذ يلعب ويحلّق فوق الماء ويستخدم المياه الهادئة كمرآة ، ومر الوقت دون أن يدرك ذلك ، وعندما ارتفع إلى لأعلى كي يدعو عائلته ويخبرهم بما وجده ، لم يجد رد على دعوته .
فقد كان والداه وإخوانه وإخوته قد استمروا في الرحلة ، ولم يتمكنوا من سماعه وفجأة شعر الطائر الصغير بخوف هائل ، واختفى كل ذلك الجمال من أمام عينيه ، وكان بإمكانه فقط سماع أصوات غريبة زادت من خوفه وشعوره بعدم الارتياح ، وترددت صرخات الطيور الغريبة حول الغابة ، وتحول كل شيء بدا جميلاً حتى الآن إلى شيء قاتم وشبحي .
انتاب الطائر الأزرق الصغير الخوف من أن يُترك وحده في الغابة ، فطار بين الأشجار بحثًا عن عائلته ، لكن الليل هبط سريعًا وكان لا يزال بمفرده ، وبعدها سعى الطائر إلى مكان للمأوى وتمرير الليل ، ومع الأوراق الصغيرة التي وجدها في الكهف بنى الطائر عشًا صغيرًا ولكن بسبب الأوراق الجافة جدًا ، لم يحصل سوى على القليل من الدفء في تلك الليلة .
وفي اليوم التالي عندما استيقظ لم يتذكر أنه قد ضاع ، ولكن بعد وقت قصير من الاستيقاظ ، كل شيء تبادر إلى ذهنه ثانيةً وبدأ في القلق وأخذ يقول : “يا إلهي! ماذا سأفعل هنا وحدي ؟ أين عائلتي ؟ وسرعان ما اكتشف أنه أضاعهم ، وقد كان والداه يكرران له دائمًا في حال ضياعه يوما ما ، أن ما ينبغي عليه فعله هو عدم الذهاب بعيدًا عن المكان الأخير الذي كانا فيه معًا .
ففكر في وضع نفسه في مكان مرتفع بما فيه الكفاية حتى يتمكنون من رؤيته عندما يعودون ، وقرر أنه لا ينبغي أبدًا أن يسمح للخوف بمنعه من رؤية الواقع ، وأخذ يقول لنفسه : لقد أخبرني والداي بما سأفعله إذا ضللت الطريق ، لذلك ليس لدي ما أخاف منه ، ستبحث عائلتي عني الآن وسرعان ما سنكون معًا ، ثم ترك كهفه الصغير وشكره لأنه أعطاه مأوى في تلك الليلة .
ومرة أخرى كان كل شيء جميلاً بالخارج ، وكان لديه ثقة في أنه سيجد عائلته من جديد ، وستجعله يطير بسعادة في مكان غير معروف بالنسبة له ، وبعد فترة طويلة وجد البحيرة الجميلة مرة أخرى ، وهناك وجد أطول شجرة فاستقر عليها ثم بدأ في الطنين ، والتحق بالتدريج بالطيور الصغيرة التي كانت تعيش هناك .
وأخبرهم أنه قد ضاع فقررت الطيور أن تغني بصوتٍ عالٍ جدًا حتى يتمكن أي شخص يمر من سماعها ، وسرعان ما أمكن سماع أغنيتهم من بعيد جدًا ، مما ساعد عائلته على العثور عليه بسرعة ، وبعد ذلك اليوم أصبح الطائر الأزرق الصغير أكثر حكمة ، فقد عرف الآن أنه يجب أن يدع عائلته تعرف دائمًا متى سيطير منهم خلال رحلاتهم.
كما علم أنه خلال حياته سيلتقي بأشخاص آخرين يقدمون له المساعدة . والأهم من ذلك كله أنه تعلم أنه عندما يصبح الخوف أقوى منه ، فإن أجمل الأشياء يمكن أن تظهر على أنها أكثرها رعبًا ، وكي ينجو وينجح في حياته عليه أن يفكر بحكمة ويترك الخوف جانبًا .