كان يُحكى عن طاووس جميل جداً ولكنه مغرور كثيرا ً بنفسه ،كان يعيش في مزرعة صغيرة مع مَجمُوعة من الحيوانات المتألفة والمحبة لبعضها البعض .
وفي أحد الأيام ومثل كل صباح ،خرج الطاووس الجميل من بيته، و فرد ريشه الجميل، وأخذ يمشي بغرور و تباه كعادته، وهو يقول لنفسه : لا أظن أن الله تعالى أعطى أحداً من الكائنات جمالاً مثل جمالي، و حسناً مثل حسني .واقترب من قن الدجاجة فقال لها : ما رأيك بي أيتها الدجاجة ، ألا تجدينني اليوم أجمل من الأمس ؟.فقالت له الدجاجة : سبحان الله الذي أبدع في خلقه ! فتضايق الطاووس من ردّ الدجاجة عليه.فإذا بالبطة تقترب منهما وتلقي عليهما التّحيّة .فسألها الطاووس قبل أن يردّ عليها التّحيّة : وأنتِ أيتها البطة مَا رأيك بجمالي وجمال ريشي؟.فقالت البطة: قل سبحان الله، والحمّد لله على ما أعطانا من جمال وقوّة .فاشتدّ غضب الطاووس وصرخ قائلا : أنا أعلم لماذا تتكلمان معي بهذه الطريقة ، فأسرعت حيوانات المزرعة عندما سمعوا صوت الطاووس المُرتفع وشجاره مع الدجاجة والبطة وتجمعوا حولهم .
بينما تابع الطاووس كلامه قائلا : أنتم تغارون مني ،و توجه بكلامه إلى الدجاجة وقال لها بسخرية :أنظري آلى ريشك أيتها الدجاجة كم هو قبيح .أما أنتِ أيتها البطة أكاد يغمى علي من شدة الضحك كلما نظرت إلى ريشك، وأنت ايها الكلب : فانظر الى قبح وبرك .وأنت أيضاً أيها الحمار : ألا ترى جلدك كم هو قبيح ومُضحك ؟ .حزنت الحيوانات من كلام الطاووس القاسي جداً .بينما تابع هو كلامه قائلاً : أمّا أنا.. أمّا أنا ؛ فانظروا إلي.وهنا قاطعه الحصان قائلاً : كفاك غرورا أيها الطاووس، فنحن الخيول مشهورون بالحسن والجمال ورغم ذلك لا ترانا نتصرّف مثل تصرفك السيء هذا .
غضب الطاووس وقال : إذاً سَأترك لكم هذه المزرعة وأذهب إلى الغابة حيث هناك من يقدر جمالي، وغادرهمْ مُتّجهاً إلى الغابة المُجاوزة، وَمَا أن وَصل إلى الغابة ،حتى اجْتَمَعَت حوله الحيوانات، وَهُمْ يَقُولون : ما شاء الله ؛ ما هذا الجمال الرائع ! ما هذا الريش الملون الجميل والأخاذ ،وأعجب الجميع بالطاووس وبجماله .أمضى الطاووس عدُةَ أيام وهو في غاية السّعادة لأنه وجد من يرضي غروره، وذات يوم بينما كان يمشي في الغابة بزهوٍ وغرور ،فاردا ريشه ورافعا راسه للأعلى من شدة التكبر .إذ به يسقط في حفرة عميقة كان قد حفرها أحد الصيادين.فبدأ يستغيث : ويطلب النجدة أسرعت حيوانات الغابة ورأته واقعاً في الحفرة .فقالت له الغزالة : أعتذر عن مُسَاعدتك أيّها الطاووس فأنا أخاف أن يأتي الصيًاد فجأة ويقبض علي، و انصرفت، وأخذ كل حيوان من حيوانات الغابة يجد عذراً له حتى تركوه جميعا وذهبوا ،وأصبح وحيداً في الحفرة .كان أحد الطيور يقف على شجرة قريبة فشاهد ما حصل ومن حسن حظ الطاووس أن هذا الطائر كان صديقاً لحيوانات المزرعة التي يقيم فيها الطاووس، فأسرع وأخبرهم بأمر وقوعه في الحفرة .
انطلقتْ حيَواناتُ المزرعة بسرْعة حتى وصلوا إلى الحفرة وكانت الدجاجة والبطة والحصان والكلب أول الواصلين ،وقامُوا هم وجميع حيوانات المزرعة بمُسَاعَدة الطاووس على الخروج من الحفرة .نظرَ الطاووس إلى أصدقائه نظرة كلها أسف وندم وقال لهم : أشكركم كثيراً على إنقاذكم لي ،ولكن أيعقل أن تنقذوني بعد الذي فعلته معكم ؟.
فقالت له الدجاجة، لا عليك فنحن أصدقاؤك وَنحبّك كثيراً ولا يمكن أن نتخلى عنك أبداً لمجرد أنك أسأت التصرف معنا .فشكرهم الطاووس كثيراً، وهنا اقتربت حيوانات الغابة أيضاً وقالوا للطــاووس: كنا نريد أن نساعدك، ولكنا كنا ،مشغولين ونخاف أن يأتي الصياد فجأة ويمسك بنا .فقالت الغزالة : أنظروا إلى ريش الطاووس، وأخدت تضحك بشدة، نظر الطاووس إلى ريشه فرأه قد تكسر وتشوه نتيجة سقوطه في الحفرة، فأخذ يبكي بمرارة،أما حيوانات الغابة وحيوانات المزرعة، فانفجرت ضاحكة على منظر الطاووس، وانصرف كل إلى مكانه وهو يكاد يغمى عليه من شدة الضحك معهم على منظره .فقال الحصان للطاووس : إن الله تعالى قد أعطاك نعمة الجمال فتكبرت وأصابك الغرور، فأخذ الله تعالى هذه النعمة منك ،ولكن إن عدت إلى رشدك فإن الله تعالى سيبدلك ريشاً أجمل من الذي فقدته.انحنى الطاووس برأسه حتى كاد يلامس الأرض خجلاًفقال له الحصان : ارفع راسك أيها الطاووس وقف باعتزاز .فقال الطاووس : اعتزاز بماذا ؟!.فأجابه الحصان : اعتزازاً بأخلاقك، فليس الجمال وحده ما يزيننا.فقال الحمار : هيّا نعد إلى المزرَعة فقد اشتقنا إليك وَلا يمُكننا الاستغناء عنك .
انطلق الطاووس مع أصدقائه عائداً إلى المزرعة وقد أيقنَ أنّ الغرُور يَضر صاحبَه وَلا ينفعه وأن الصديق الحقيقي هو الذي يقف إلى جانبك أيا كانت الظروف .