قصة العابد والمرأة الجميلة
قصة العابد والمرأة الجميلة – توتي توتي
كان ياما كان في قديم الزمان ،كان بالكوفة فتى جميل الوجه شديد التعبد والاجتهاد فنزل في جوار قوم، فنظر إلى فتاة منهم مرة وكانت جميلة وطيبة الخلق فهواها وهام بها عقله، فرأته الفتاة مرة وهامت به أيضا لسماعها سيرته الطيبة وخلقه العظيم .
فأرسل يخطبها من أبيها ،فأخبره أنها مخطوبة لإبن عمها ومسماة عليه ،فلما اشتد عليهما ما يقاسيه من ألم الهوى والحزن الشديد على فراقها ،أرسلت إليه الفتاة خطابا مع أحدهم قائلة فيه :قد بلغني شدة محبتك لي وقد اشتد بلائي بك ، فإن شئت زرتك وإن شئت سهَّلت لك أن تأتيني إلى منزلي !فقال للشخص المبعوث بالرسالة :ولا واحدة من هاتين الخلتين ، ” إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ” ، أخاف نارا لا يخبو سعيرها ولا يخمد لهيبها .فلما أبلغها الرسول قوله قالت : وأراه مع هذا يخاف الله ؟!وقالت : والله ما أحد أحق بهذا من أحد ،أي بالعبودية لله والخوف منه سبحانه ،وإن العباد فيه لمشتركون .
ثم انخلعت من الدنيا وألقت علائقها ، أي ما يجعلها تتعلق بالدنيا، خلف ظهرها وجعلت تتعبد وهى مع ذلك تذوب وتنحل حبا للفتى وشوقا إليه وتعلقا به حتى ماتت على تلكم الحال .
فكان الفتى يذهب إلى قبرها فيبكي عنده ويدعو لها ، فغلبته عينه ونام ذات يوم على قبرها فرآها في منامه في أحسن منظر وأحسن صورة .
فقال : كيف أنتِ ؟ وما لقيتِ بعدي ؟قالت : نعم المحبة، يا سؤلي، محبتكم **** حب يقود إلى خير وإحسان .فقال : على ذلك إلام صرتِ ؟فقالت : إلى نعيم وعيش لا زوال له في جنة الخلد ملك ليس بالفاني .فقال لها : اذكرينى هناك فإني لست أنساكِ .فقالت : ولا أنا والله أنساك ، ولقد سألت مولاي ومولاك أن يجمع بيننا ، فأعني على نفسك بالاجتهاد، أي في العبادة، فقال : إذا فمتى أراكِ ؟فقالت : ستأتينا عن قريب فترانا .فلم يعش الفتى بعد الرؤيا إلا سبع ليالٍ ، حتى مات ،ذكره ابن القيم في روضة المحبّين .
error: النسخ ليس ممكناً