كان في قديم الزمان ملك ظالم ومتجبر وكان له قصر عظيم ،وبجانب القصر هناك كوخ من طين لامرأة عجوز.
وذات يوم ذهبت العجوز وطلبت من الحراس رؤية الملك ،ولكنه رفض وقال ماذا تريد مني هذه العجوز ،فقالوا لابد أن يكون شيء مهم لأنها تطلبك ،ووافق الملك على طلبها ظنا منه أنه شيء مهم. دخلت العجوز إلى قصر الملك وعند رؤيتها للملك طلبت منه أن يطعمها لأنها كانت جائعة جدا فنظر إليها بسخرية واحتقرها ،وزجرها وقال كيف تجرئين علي طلب مقابلتي لمثل هذا الأمر ،فأمر حراسه أن يلقوها خارجا.
ثم بعد ذلك أمر الملك أن يهدموا كوخها لأن منظره كان غير مناسب للقصر.فوقفت العجوز وقالت له : سوف يأتي الزمان الذي تطلب فيه مساعدتي.
فضحك الملك وقال لها : أنا ملك وعندي ما أشاء من الأموال والذهب والخيرات ،وأنتِ عجوز فقيرة ليس عندك شيء فبماذا ستساعدينني وماذا تملكين حتى اطلبه من عجوز مثلك ؟وأمر الملك كل من في البلاد ألا يساعدوا المرأة العجوز وأن كل من يساعدها سوف يسجن وذلك لتجرئها علي ملك البلاد..رجع الملك إلى القصر والغرور يتملكه ، أما العجوز الفقيرة فلجأت الى الكهوف والجبال وأصبحت تأكل النباتات وتشرب من الينابيع المتسخة حتى تطفئ جوعها ،وبذلك اصبحت تميز جميع النباتات.
وفي يوم من الأيام وكعادته دعا الملك حاشيته وأعوانه من الأمراء إلى مجلسه وأمر الخدم بذبح الكثير من الخراف فكانت المائدة من اللحوم والفواكه الطازجة فدعا الملك الحضور إلى مائدة الطعام ، وكان من بين طابخين القصر خائن فكان يكره الملك كثيرا فوضع عشبة مع طبخة الملك فتجعله طريح الفراش ،فأكل الملك ولكن فجأة صرخ ووقع على الارض ،فمرض وانهارت قواه ،حاول طبيب القصر معالجته ولكن استعصى عليه علاجه.فقامت حاشيته باستدعاء الأطباء من كل بلد ليعالجوه ،ولكنهم عجزوا عن ذلك وكان كل طبيب لم يستطع أن يشفي الملك يقطع رأسه.
وبعد فتره ساءت حالة الملك وكاد أن يموت فأمر الملك أحد أعوانه أن يذهب وينادي في البلاد : أن من يستطيع شفاء الملك سوف يبني الملك له قصرا ويعطيه من الذهب والفضة والأموال والماشية من خيل وبقر وماعز وغيرها ثم يكون عند الملك من المقربين.
فسمعت العجوز بحالة الملك ،عند ذلك ذهبت إليه وطلبت منه أن تعالجه.
فقال لها الملك : أنتِ أيتها العجوز تريدين شفائي ؟
فقالت له : نعم بإذن الله. فذهبت إلى الجبال وقطفت بعض النباتات ولأنها كانت تأكل النباتات كانت تعرفها جيدا فأخذت بعض النباتات وغلتها بالماء فأنتجت من ذلك الدواء ووضعته في وعاء وأخذته إلى الملك وطلبت منه أن يشرب منه فهو علاج لكل شيء .شرب الملك من الدواء الذي صنعته العجوز فتعافى جزئيا وواظب على شرب الدواء ، وبعد يوم أو يومين تعافى الملك تماما ، عندها وقفت المرأة العجوز وقالت له أتذكر يوم قلت لك سوف يأتي يوم وتطلب مساعدتي فتذكر الملك وقال لها نعم أذكر ذلك اليوم.
ومن اليوم وصاعدا لن أحقر إنسانا مهما كان سواء كان ضعيفا أو فقيرا أو غير ذلك ،أو من ليس له مركز أو مكانه اجتماعية وسأحترم كل شعبي فمكانتي هذه لا تعني أني أفضل من الشعب.
بنى الملك لها قصرا عظيما بجانب قصره وأعطاها من الذهب والفضة والأموال والماشية والطعام الكثير وأصبحت من المقربين للملك ،وأسمت قصرها بقصر الفقراء ،فلكونها فقيرة تذكرت الفقراء ودعتهم من كل أنحاء البلاد لقصرها ليعيشوا فيه و لتأويهم من حر الصيف وبرد الشتاء ، وأطعمتهم وكستهم وجعلت البسمة على وجوهم والرضى في قلوبهم ،فشكروها كثيرا على لتلك الرحمة التي أبدتها لهم ،فكانت المثل الأعلى في مد يد العون والمساعدة والرحمة للفقراء والمساكين…