قصة الغراب الأحمق
في إحدى الليالي الشتوية كان المناخ باردًا للغاية ، وكان هناك طبقة كثيفة من الثلوج على الأرض ، وإختفت السناجب والزواحف جميعًا في مخبأها ،حتى تحمي نفسها من البرد الشديد وكانت شهور الشتاء مظلمة فبدأت الطيور للهجرة إلى مناطق أكثر دفئًا .
حتى اليرقات والقواقع إختفت تمامًا ، مختبئة بعيدًا في الظلام حفرت لنفسها بيوتا في الأشجار تختبئ بها ، حتى يأتي فصل الربيع ، وكانت الحقول والغابات صامتة وفارغة ، إلا من غراب أسود كبير ، كان الغراب يصطاد من أجل وجبة العشاء .
طار الغراب طوال اليوم يبحث عن طعام ولكنه لم يجد أي شيء إلا فأر صغير أو بواقي طعام أي إنسان ، الآن أصبح الغراب متعب وجائع وبدأ يصيح في حزن ، وقال لنفسه :يبدو أنني لن أتناول العشاء اليوم ، وبدأ يطير ببطيء في السماء ، وهو يبحث عن أي شيء يأكله ، وكاد الغراب أن يعود إلى منزله حين رأى خيط رفيع من الدخان بعيدا .
فكر الغراب أن الدخان يعني وجود نيران ، والنيران تعني أن أحدًا ما يطهو طعام .طار الغراب بأقصى سرعة في إتجاه الدخان وبالفعل رأى الغراب أن الدخان يخرج من مدخنة عملاقة في أحد البيوت الريفية ، وكان بالداخل فلاح وزوجته التي كانت تطهو العشاء لأسرتها .
كان هناك حساء ذو رائحة شهية للغاية يغلي في قدر كبير على النار ، وكان هناك خبز طازج على الطاولة ، أيضا كان هناك قطعة من الزبد والجبن في أحد الأطباق بجوار النافذة ، وقد تركت النافذة مفتوحة حتى لا يذوب الزبد أو تتعفن الجبن .
حين رأى الغراب الجبن طار سريعًا نحو النافذة ، ألتقط الجبن بمنقاره ، وطار مبتعدًا ، حينها كانت زوجة الفلاح تتابع الحساء وكان ظهرها باتجاه النافذة ، لم ترى الغراب حين سرق الجبن .
وكان الغراب سعيدًا للغاية بما فعل ، وكان يقول لنفسه لا يوجد شيئًا أحلى من طعم الجبن في الشتاء ، طار الغراب إلى منزله واستقر في عشه مرتاحًا يأكل الوجبة التي سرقها .
حينها كان هناك ثعلب ينام مسترخيًا بين الشجيرات في أحد الحقول ، حاول الثعلب طوال اليوم البحث عن أي طعام في الغابة والحقول ولكنه لم يجد ، لم يجد الثعلب أي طائر أو فأر أو حتى بقايا طعام ، وكان متعبًا وجائعًا ، وفكر الثعلب أنه سوف ينام بدون عشاء الليلة ، كان على وشك اليأس والعودة إلى منزله ، حين رأى الغراب في منزله يأكل قطعة الجبن .
فكر الثعلب يا لها من رائحة جيدة ، وقرر الحصول على قطعة الجبن ، وبدأ الثعلب يراقب الغراب ، بعدها ابتسم الثعلب لنفسه وهو يتنقل أسفل شجرة الغراب .
بدأ الثعلب حديثه بصوت عالٍ وقال مساء الخير يا سيد غراب ، تبدو بخير اليوم ، نظر الغراب إلى الأسفل في دهشة ، لأنها أول مرة يسمع فيها الثعلب يتحدث بهذه الطريقة المهذبة .أكمل الثعلب حديثه تبدو قويًا للغاية يا سيد غراب وريشك يبدو أكثر سوادًا اليوم ويبدو أيضا ناعمًا ولامعًا ، أنا لم أشاهد أحدا له مثل ريشك الجميل .
شعر الغراب بالإندهاش أكثر ، فلم يقل أي أحد مثل هذا الكلام من قبل ، وشعر الغراب بالفخر لسماعه هذا الكلام ، وتحدث الثعلب من جديد وقال للغراب أنا معجب بطريقة طيرانك كثيرًا ، فأنت قادر على التحليق أعلى من النسور ، حتى مخالبك قوية للغاية ، هل يمكنني أن ألقي نظرة عليهم ، فشعر الغراب بالغرور وإقترب من الثعلب حتى يرى مخالبه .
إبتسم الثعلب لنفسه ، ونظر بإعجاب للغراب وقال :أنا حتى الآن لم أسمع صوتك ، لابد أنه صوت قوي وجميل ، قوي مثلك تمامًا ، ثم طلب الثعلب من الغراب أن يغني له .
تذكر الغراب كلام كل الطيور التي عرفها عن صوته وكيف أنه سيء للغاية ، لكنه كان يشعر أنهم يغارون منه وأن صوته جميل ، حينها أخذ الغراب نفسًا عميقًا ، وفتح فمه على آخره حتى يغني ، فوقعت من منقاره قطعة الجبن ، فألتقطها الثعلب بسرعة ووضعها في فمه وبلعها .
أدرك الغراب حينها ما حدث ، وبعدما إلتهم الثعلب الجبن ، وتحرك وهو يحذر الغراب ألا يصدق أي شيء في المستقبل ، وابتعد في الغابة بين الشجيرات فلم يعد مرئيًا .
وقف الغراب حزينًا يشعر بأنه أحمق ، فكر فيما فعله الثعلب ، وتعجب كيف كان أحمقًا هكذا ، كيف تمكن الثعلب بكل سهولة وسرق منه الجبن ، ضم الغراب جناحيه وذهب إلى العش وقضى ليلته جائعًا .