قصة الفقير مع التفاحة
يُروى أنه كان هناك رجلاً عابداً زاهداً في الدنيا ولكنه في ذات الوقت كان فقيراً جداً، وذات يوم وصل به الجوع إلى درجة لم يستطيع تحمله، ولا يوجد في بيته ما يسد جوعه ورمقه منذ أيام، فخرج للبحث عن لقمة يأكلها .وبينما وهو يسير في الطريق انتهى به المطاف إلى بستانٍ أخضر ومزهر ومليء بأشجار التفاح المثمرة، فلم يتمالك نفسه من شدة الجوع ومد يده وقطف تفاحة والتهم نصفها، ولكنه تذكر أن التفاحة ليست له ولا يحق له أكلها دون إذنٍ من صاحب البستان .
وقال يخاطب نفسه ويعاتبها ويحك ،كيف تأكل ما لا يحل لك ،وندم ندماً شديداً على فعلته، وبدأ على الفور في البحث عن صاحب البستان .فسأل عنه فدلوه على بيته ،فقرع ابن الرجل الباب فخرج له صاحبه ….وقال : ما خطبك يا بني .فقال له: لقد اشتد بي الجوع فخرجت من بيتي طالباً للقمة أسد بها جوعي فانتهى بي المسير إلى بستانك فأعجبني كثيراً فقطفت تفاحة وللأسف قد بدأت بأكلها، ولكنني تذكرت أنها ليست لي ولا يحق لى أكلها دون إذن صاحبها ،فجئت أطلب منك أن تسامحني عن ما بدر مني .
فقال الرجل صاحب البستان : والله لن أسامحك وسأحاجك بها يوم القيامة، بكى الرجل الفقير بكاءاً شديداً .وقال له : أنا مستعد للعمل عندك بدون أجر ما حييت بشرط أن تسامحني، ولكن صاحب البستان أعرض وعنه ودخل بيته وأغلقهوعند صلاة العصر خرج صاحب البستان من بيته فوجد الفقير ما زال واقفاً أمام البيت يبكي فقال له : ما بالك يا رجل ؟فقال الرجل الفقير : أرجوك سامحني أرجوك يا سيدي .فقال له صاحب البستان : أنا مستعد أن أسامحك ولكن بشرط أن تتزوج ابنتي .
اندهش الرجل الفقير من هذا الشرط وأجاب دون تفكير نعم سأتزوجها .فقال صاحب البستان : على مهلك يا بني، إن ابنتي صماء وبكماء وعمياء ومقعدة، إن قبلت الزواج بها سامحتك و إلا فلا .وقف الرجل في حيرة من أمره، ويتخيل في نفسه !!كيف أتزوج امرأة بهذه الصفات ؟وكيف ستقوم بأمور حياتي ؟وكيف أكمل معها بقية عمري ؟ولكنه قال في نفسه بعد تفكير عميق إن لم أتزوجها لن يسامحني وسأكل من صديد النار ففكر قليلا و قال : أنا سأتزوجها على ما فيها من صفات واحتسب الأجر عند الله ،المهم أن تسامحني .
قال صاحب البستان اتفقنا، موعدك الخميس القادم لتدخل بابنتي وأنا سأتكفل لك بمهرها وبجميع لوازم الزواج .أتى الرجل الفقير، يوم الخميس مهموماً كئيباً ليس كمثل العريس يوم عرسه ،فهو يعلم أنه سيتزوج امرأة بصفتها المذكورة صماء وبكماء وعمياء ومقعدة أيضاً !!طرق الرجل الفقير الباب بعد عقد القران، ففتح له أبوها وقال مرحباً بعريسناً أدخل فالبيت بيتك .فدخل و قال : السلام عليكم وهو يعلم أنها لا ترد لأنها صماء وبكماء !ولكن الزوجة : قالت وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته.
فانصرف الأب وتقدمت الزوجة من زوجها وصافحته وقبلت يده وجلست بجانبه وهو مذهول ومصدوم من هول ما رأى !!فقالت له الزوجة : ما بالك ؟ مالي أراك مصدوماً ؟فقال لقد قال لي أبوكِ بأنكِ صماء وبكماء وعمياء ومقعدة أيضا !!فقالت : لقد صدقك أبي ولم يكذبك !فإنني صماء لأنني لم أسمع في حياتي ما يغضب الله قط .وإنني بكماء لأنني لم أتكلم بما يغضب الله أبداً .وإنني عمياء لأنني لم أرى بعيني ما يغضب الله .وإنني مقعدة لأنني لم أمشي في حياتي في غير رضا الله .
ففرح الزوج فرحاً كبيراً بزوجته وأوقفها بجانبه وقال لماذا فعل والدك بي هذا !!فقالت : دهش والدي عندما أتيت لتطلب السماح في نصف التفاحة، ودخل علي وهو مصدوم وبالصدفة كنا نتحدث قبل مجيئك عن زواجي حيث كنت أقول لأبي لن أتزوج إلا من يخاف الله .ففكر أبي وهو واقف أمامك عندما كنت تطلب منه السماح، فكر كيف يجعلك تتزوجني بدون إحراج .فنعم الأب هو ونعم الزوج أنت .عاشت هذه المرأة الطيبة مع هذا الزوج الطيب في سعادة وهناء ،كيف لا وهما يتقربان من الله في كل خطوة .