كان الفيل أبو الفداء يسير في الطريق وتبدو عليه علامات الإنشغال والتفكير ، وبينما هو كذلك إذ قابله صديقه القرد وقال له : ما بك أيها الفيل أبو الفداء ؟ أراك مشغول البال .
رد الفيل:نعم صدقت ، فهناك أمر يشغلني .
عجيب أمرك ، أنت فيل قوي ولديك طعام وافر ، فماذا يشغل بالك ؟
هذا ما يشغلني ، إني أريد استغلال قوتي ووقتي في شيء مفيد .
يمكنك أن تلعب طوال النهار بين الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ، وتستمتع بالشمس الصافية والهواء العليل .
سوف يكون هذا مملاً ، وخاصة إذا كان طوال اليوم ، أريد أن أشغل وقتي بشيء يكون مفيداً لمن حولي ، أليس لديك اقتراح آخر ؟
لا ، ولكني أعرف أن هناك حكيمًا يسكن في القرية المجاورة للغابة ، هيا بنا نذهب إليه … هيا بنا .
ذهب الفيل أبو الفداء وصديقه القرد إلى بيت الحكيم واستأذنا في الدخول عليه كي يعرض عليه المسألة .
السلام عليكم أيها الحكيم ؟
وعليكم السلام، مرحبًا بكما ماذا تريدان ؟
حكى الفيل أبو الفداء للحكيم عن رغبته في استغلال وقته وقوته في شيء مفيد ، وكيف لا يجد شيئًا يفعله ، فنظر الحكيم إلى الفيل أبي الفداء وقال له : لك عندي عمل مفيد في قريتنا ، فهناك الكثير من الضعفاء والفقراء والمرضى الذين يحتاجون إلى المساعدة ، وتستطيع أن تشغل وقتك في مساعدتهم .
هذا شيء جميل ولكني أريد أن توضح لي ما يمكن أن أفعل بالضبط ؟
سوف أعطيك بيتًا في القرية تعيش فيه وسيأتي إليك كل من يريد المساعدة … وأنصحك أن تضع لوحة كبيرة على باب بيتك الجديد – بها اسمك حتى يسهل وصول المحتاجين إليك .
ذهب الفيل أبو الفداء إلى الخطاط وقال له : أريدك أن تصنع لي لوحة كبيرة كي أضعها على بيتي الجديد في القرية .
وماذا أكتب عليها ؟
أكتب عليها : هذا بيت الفيل أبي الفداء ،الذي يحب مساعدة الضعفاء ،ويحب إطعام الفقراء،ويساعد المرضى حتى الشفاء.
وسكن الفيل في بيته الجديد ، وعلم أن اللصوص قد تعودوا المجيء إلى هذه القرية ويسرقون منها وهم مطمئنون أن أحدًا لا يستطيع مقاومتهن وأن مركز الشرطة بعيد جدًا ، ولن يستطيع أحد أن يقبض عليهم إذا سرقوا ممتلكات الناس …وذات مساء جاء اللصوص للسرقة والنهب كالعادة ، خاف الناس منهم وأسرعوا إلى حكيم القرية يسألونه ماذا يفعلون مع اللصوص ، فقال لهم : اذهبوا إلى الفيل أبي الفداء . فذهبوا إليه مسرعين .
السلام عليكم يا فيل أبو الفداء .
وعليكم السلام.
نريد منك مساعدة ، ونأسف إن أيقظناك من نومك .
مرحبًا بكم ، أنا مستعد للخدمة في أي وقت .
حكى أهل القرية للفيل أبي الفداء قصة اللصوص وكيف أنهم ينهبون القرية ؟ وأن أهل القرية يستنجدون به كي يساعدهم لطرد اللصوص ، فانطلق الفيل أبو الفداء إلى اللصوص وهجم عليهم بقوة بخرطومه القوي فهربوا مذعورين وتركوا أموال الناس وأغراضهم .
وبعد هذه الحادثة اشتهر الفيل أبو الفداء بالدفاع عن القرية ، ومساعدة أهلها ومهاجمة اللصوص ، فأحبّه الناس وصاروا يأتون إليه كلما احتاجوا مساعدة …
وهكذا شعر الفيل أبو الفداء بالسعادة لأنه استغل قوته في شيء مفيد .
وذات صباح جاء القرد يزور صديقه الفيل في بيته الجديد وسأله : هل أنت سعيد الآن يا فيل أبو الفداء؟
فقال الفيل : نعم أنا سعيد جدًا يا صديقي القرد ، أتدري لماذا ؟
لماذا يا صديقي الفيل ؟
لأنه لا قيمة للحياة إلا بفعل الخير .
***
المؤلف/عبدالله محمد عبدالمعطي