قصة القاضي الصغير

يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك عطار يبيع العطارة في السوق ، وكان يمتلك دكانًا صغيرا ، ويقع دكانه بجانب دكان تاجر للزيوت يبيع جميع أنواع الزيوت هو أيضًا في السوق ، وكان لا يفصل كلا الدكانين إلا حاجز من الخشب .
وفي يوم من الأيام ، نظر العطار من ثقب في الحاجز الخشبي  على دكان الزيات ، فرأى من ثقب هذا الحاجز الزيات يعد نقودًا ذهبية يمتلكها . تابع العطار جاره الزيات وصار يعد معه الدنانير الذهبية ، وقد بلغت مئة وعشرين دينارًا ذهبيًا .استمر في مراقبته حتى رآه يضع  الدنانير الذهبية في محرمة حمراء ، وأخذ يجهز نفسه للعودة إلى بيته .
خرج العطار من دكانه وأخذ يصرخ وارتمى على الأرض ، وهو يصيح بصوت عالى جدًا ، قائلًا أيها الناس لقد سرقت نقودي وعادها مرارًا وتكرارًا ، لقد سرقت نقودي . اجتمع جميع الناس حوله وحاولوا تهدئته ، حتى جاء الشرطي وسأل العطار ، هل تتهم أحد بعينه بسرقة نقودك ، فأجاب بنعم واتهم جاره الزيات بسرقة النقود .
فقال الشرطي كيف قام بسرقة نقودك ، فرد عليه العطار وقال أنه ترك دكانه الصغير وخرج لمدة دقيقتين ، ولما عاد لدكانه بحث عن الدنانير فلم يجدها ، وأن جاره الزيات هو أقرب شخص لدكانه ، فسأله الشرطي عن عدد دنانيره التى سرقت منه ، فقال إنهم مائة وعشرين وضعها فى محرمة حمراء ، فدخل الشرطي دكان الزيات فوجد المحرمة الحمراء وبها المائة والعشرين دينار .
وصلت القضية إلى القاضي ، فسمع القاضي شهادة الطرفين ولم يستطع أن يصدر حكمًا ، فقام بتأجيل القضية ، وانتشرت القضية فى أنحاء المدينة وراح الكبير والصغير يتحدث عنها .فمنهم من شك في الزيات و منهم من شك فالعطار.
وفي أحد الأيام خرج القاضي يتجول فى المدينة ، فرأى ولدًا يلعب مع رفاقه ويقول لهم أنا القاضي ، سوف يصدر حكمًا في قضية العطار وجاره الزيات ، فقام أحد الأولاد بالجلوس على حجر وقام بتمثيل دور العطار ، وجلس ولد على حجر آخر ومثل دور الزيات جاره ، سمع الولد القاضي كلام الاثنين .
وطلب من رفيقهم الثالث أن يذهب ويحضر وعاء به ماء ساخن ، دهش الأولاد جميعًا من طلب صديقهم فسألوه ، لماذا تحتاج الى وعاء من الماء ! ، فقال لهم لأني أريد أن أضع الدنانير الذهبية في الماء الساخن ، فزاد اندهاشهم فقرر أن يكمل كلامه وقال : عندما أضع الدنانير بداخل الوعاء الساخن فإذا ظهر على الماء بقع من الزيت فان الدنانير بذلك تخص الزيات ، أما إذا لم تظهر بقع الزيت ، فان الدنانير بذلك تكون ملك العطار ، سمع القاضي كلام الولد فذهب إليه مسرعًا ، وقبله وقال له أنت ولد ذكيً جدا ، وقد تعلمت منك وسوف أصدر غدًا حكمًا فى القضية  التي حيرتني كثيرًا دون جدوى .
وبالفعل قام القاضي فاليوم الثاني باصدار الحكم بعد أن ثبتت براءة الزيات ،وندم العطار لفعلته وتلقى أشد العقاب.

Exit mobile version