قصة الميت والأعرابي
يحكي أنه في قديم الزمان كان هناك رجل سيء الطباع والخلق سليط اللسان وكان يكرهه أهل قريته ،وعندما مات لم يذهب أى أحد إلى جنازته ولم يصلي عليه إلا شخص واحد وهو ابنه الوحيد ،ولم يقوى الولد علي حمل والده إلي قبره وحيداً ،فأخذ يجره جراً في الصحراء ليدفنه ،وفي طريقه قابل أعرابي يرعى الأغنام فاقترب منه وسأله : أين الناس يا بني ؟ لماذا تدفن أباك وحدك؟
لم يرد الولد أن يفضح أباه الميت فلم يجب الأعرابي واستمر في قول : لا حول ولا قوة إلا بالله …
فهم الأعرابي ما أراد الولد أن يقول وبدأ يساعده ليدفن الأب ،ثم رفع يده إلى السماء وأخذ يدعو الله عز وجل في سره بدعوات كثيرة ،ثم ترك الابن وحيداً وغادر يستكمل طريقه في رعاية غنمه .
بعدها عاد الابن إلى منزله وأخذ يتذكر أباه ويدعو له بالرحمة والمغفرة وهو يبكي حتى غلبه النعاس ،فرأى رؤية لوالده ضاحكاً مستبشراً في الفردوس الأعلى ،تعجب الابن كثيراً من حال والده وأخذ يسأله : ما بلغك هذه المنزلة العظيمة يا أبي ؟
فأجاب الأب : ببركة دعاء الأعرابي.
استيقظ الابن من نومه فأسرع يبحث في الصحراء عن الأعرابي في لهفة شديدة ليعرف منه الدعاء الذي دعاه لوالده وجعله يبلغ هذه المنزلة العظيمة وهو الرجل الذي كرهه كل أهل قريته بالكامل ولم يرغب أن يصلي عليه او يحضر جنازته أحد ، وأخذ الابن يبحث ويبحث حتى وجد الأعرابي فأمسكه وقال له في لهفة : سألتك بالله أن تقول لي ما دعوت لوالدي على قبره بالأمس ،فأنا قد رأيته في رؤيا مستبشرا ضاحكا.
هنا ابتسم الأعرابي وقال : لقد دعوت لوالدك دعوة العبد الذليل إلي الله عز وجل وقلت : اللهم إني عبدك الكريم الذي إذا جاء إلي ضيف أكرمته وهذا العبد ضيفك وأنت أكرم الأكرمينْ. هذه هي بركة دعاء المسلم لأخيه المسلم عن ظهر قلب ،ربي سخر لي ولأحبتي كل عبادك الطيبينْ ومن يدعو لنا في كل وقت وحين ..