كان يا ما كان في قديم الزمان ،يحكى أنه كان لأحد الملوك القدماء ،ابنان شابان وكانا أيضا متقاربين فى العمر لكن رعد الابن الأكبر كان يهوى الصيد فى الغابة حيث تكثر الغزلان والأرانب البرية ،والطيور الغريبة وكانت لديه بندقية رائعة يحملها دائما معه ،وكلب كبير يصحبه فى جميع رحلاته.أما الابن الأصغر فهد فكان يهوى صيد السمك ويقضي الساعات الطويلة على الشاطيء وكانت لديه سنارة بديعة الصنع يصطاد بها أسماكا متنوعة وسلة رائعة يضع فيها ما يحصل عليه من صيد.
فى أحد الأيام ، اتفق الأخان على أن يتبادلا هوايتهما فذهب رعد إلى الشاطيء ليصطاد السمك وأخذ من أخيه صنارته البديعة ،بينما أخذ فهد من أخيه بندقيته الرائعة واتجه نحو الغابة ليجرب حظه وهكذا افترقا الشقيقان وهما يضحكان وكل منهما يتمنى للآخر حظا طيبا وصيدا وفيرا.
ولكن رعد فقد سنارة أخيه فى مياه البحر لأنه لم تكن له دراية بصيد البحر ولا تقلبات الجو والأمواج وفي نفس الوقت عاد أخوه فهد من الغابة بعد أن طاشت جميع طلقاته بدون أن يحصل على صيد لأنه لم تكن له دراية بالصيد فى البر ولا بالأماكن التى توجد بها أنواع الطيور والحيوانات.
حينما علم فهد بفقد سنارته ،غضب غضبا شديدا وقال لأخيه رعد : إنني أريد سنارتي بأي طريقة حتى لو اضطررت إلى أن تجوب العالم كله للبحث عنها ،اذهب ولا تعود حتى تعود بها.
كان الأمير رعد ،صياد البر يحب أخيه الأصغر ولا يريد أن يغضبه لكنه شعر باليأس الشديد يتملكه فماذا يفعل ؟ لقد بحث عن صنارة أخيه فهد في كل مكان وطاف جميع الشواطئ لكنه لم يعثر عليها وحينما قرر في النهايه أن يعود بدونها وهو حزين برز له تمساح كبير من وسط الماء وقال له : أنا أستطيع أن أساعدك في العثور على سنارة أخيك.قال رعد بحماس وفرح : كيف؟قال التمساح : سوف أصحبك إلى ملك البحار السبعة ،فهو وحده الذي يمكنه أن يساعدك في العثور على السنارة الضائعة.
استقبل ملك البحار السبعة الأمير رعد بكل حفاوة وترحيب وقال له : لا تحزن أيها الأمير سأساعدك في البحث عن سنارة أخيك ،قد يستغرق البحث عنها وقتا طويلا ،قد يكون عاما ،أو سبعة أعوام فلا تقلق.
وبالفعل جند ملك البحار السبعة مجاميع كبيرة من الغواصين انتشروا في جميع أنحاء البحار وقبل نهاية العام الأول ،عثروا على الصنارة الضائعة ،وأثناء تقديمها إلى الأمير رعد قال ملك البحار السبعة له : لقد سعدت بفترة إقامتك معي في مملكتي وأريد أن أعبر لك عن إعجباي بصبرك وحبك لأخيك وعدم رغبتك في إغضابه لذلك أريد قبل أن نفترق أن أقدم لك هدية من المؤكد أنها ستفيدك ،تفضل وخذ هذه القطعة من الحجر الأزرق ،يكفي أن تضغط عليها بشدة بيدك فتصعد الأمواج والمياه وتغرق كل ما في طريقها ،وهذه القطعة من الحجر الأبيض يكفي أن تضغط بيدك عليها فتنسحب جميع الأمواج والمياه إلى مواقعها.شكر الأمير رعد ملك البحار السبعة على كرمه وحسن ضيافته ،وقبل هديته وهو لا يدري في قرارة نفسه في أي شئ ستفيده.
حينما عاد الأمير من رحلته الطويلة إلى مدينته علم أن أباه الملك قد مات أثناء غيابه في هذا العام ،وأن أخاه الأصغر فهد استولى على العرش بمساعدة المنافقين الذين حوله…ولما علم الأمير الأصغر بعودة أخيه الأكبر ،أعماه الطمع والجشع ،وخشي أن يطالبه بالعرش فأمر الحراس بالقبض عليه وسجنه …
هرب الأمير رعد إلى الغابة ،التي كان يعرفها جيدا لكثرة ذهابه إليها للصيد ،لكن الجنود كانوا يلاحقونه في كل مكان ،ولما شعر بأنه سوف يهلك تذكر فجأة الحجر الأزرق الذي أهداه إليه ملك البحار السبعة ،فضغط عليه بقوة بيده وسرعان ماهاجت أمواج البحر وارتفعت ،وأقبلت المياه تغطي الأرض والجنود على السواء ،ومن بينهم الملك الجديد الذي استولى على العرش.
ولما شعر الأخ الأصغر الذي ضلله المنافقون بأنه يوشك على الغرق أخذ يصيح ويصرخ مستغيثا ،ولولا أن الأمير رعد كان طيبا وكريما ويحب أخاه الأصغر فقام على الفور بانقاذ حياة أخيه وضغط بشدة على الحجر الأبيض ،وفي الحال هبطت الأمواج العالية.
وانحسرت المياه وتراجعت إلى مواقعها وتأثر الأخ الأصغر من طيبة أخيه وكرمه ورد إليه العرش وظل مخلصا له وعاشا معا في وئام ومحبة سنوات طويلة ،ولم يفكر أحدا منهما بعد ذلك في أن يتبادل هواية أخيه أبدا …