قصة ريا و سكينة
تعدّ ريا وسكينة من أشهر الشخصيات في التاريخ المصري. بدأت قصتهم عام 1920 في حيّ اللبان وهو أحد أفقر الأحياء في الإسكندرية ،حيث قامت ريا وسكينة علي همام بمساعدة زوجيهما ومساعدين آخرين ،باختطاف وقتل 17 امرأة ودفنهن في منزلهما.
حضرت الأختان ريا وسكينة من صعيد مصر إلى الإسكندرية وعملتا فيها لثلاث سنوات ،حيث تزوّجت ريا من شخص يُدعى حسب الله سعيد مرعي ،بينما عملت شقيقتها سكينة في ملهى ليلي حتى وقعت في حب أحدهم. عندها بدأ الأربعة بمساعدة اثنين آخرين يدعيان عرابي حسان وعبد الرازق يوسف باستدراج النساء من الأماكن التي تشهد إقبالاً كثيراً مثل سوق ” زنقة الستات ” الواقع بالقرب من ميدان المنشية ،والذي يعدّ مسرحاً شهد عدداً من جرائم هذه العصابة. من الروايات التي بتداولها الناس ،أن الأسلوب الذي اتبّعته العصابة في خطف النساء هو الحديث إليهن ثم كسب ثقتهن فقد كانت ريا مثلاً تذهب إلى السوق وتختار الضحية التي ترتدي الكثير من الذهب وبعد الحديث إليها والتقرّب منها تبدأ الإدّعاء بأن هناك منطقة فيها مثل تلك البضاعة رخيصة الثمن ،عندها تستدرج ريا الضحية إلى منزلها حيث بقية العصابة في انتظارها ،ثم تتم عملية القتل وسرقة المجوهرات ودفنها تحت بلاط المنزل.
أول البلاغات جاءت عن طريق زينب حسن البالغة من العمر 40 عاماً في العام 1920 ،وهي تشير في شكواها إلى اختفاء ابنتها ناظلي أبو الليل البالغة من العمر 25 عاماً من دون وقوع سرقة في المنزل. بلاغ الأمّ انتهى بالخوف من أن تكون ابنتها قد خطفت بهدف سرقة ذهبها.
أما البلاغ الثاني فجاء في منتصف شهر آذار/مارس من العام نفسه ،حيث تلقّاه رئيس نيابة الإسكندرية من محمود مرسي الذي أفاد باختفاء أخته زنوبة. وعلى الرغم من ذِكر صاحب البلاغ اسمي ريا وسكينة وأنهما كانتا آخر من شوهدتا برفقة أخته ، إلا أن السلطات استبعدتهما من التحقيق.
البلاغ الثالث كانت صاحبته فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً شكت فيه من اختفاء والدتها زنوبة عليوة ، وهي بائعة طيور تبلغ من العمر 36 عاماً ، الفتاة قالت في بلاغها حينها أن آخر من تقابل مع والدتها كانتا ريا وسكينة.
بعد ذلك بفترة توالت البلاغات التي تعلن اختفاء العديد من النساء ،ما أثار حالة من الفزع بين سكان المدينة ، حتى عثر أحد عساكر الدورية صباح 11 كانون الأول/ديسمبر عام 1920 على بقايا جثة امرأة بالقرب من منزل ريا وسكينة. وبينما انشغلت الإسكندرية بهذا الحدث ،أبلغ رجل الشرطة بعثوره على بقايا عظام بشرية أثناء قيامه بالحفر لربط المياه في منزله الذي كان يؤجّره لرجل يدعى محمّد أحمد السمني ،حيث استعمل المنزل كبيت للدعارة ،كما أفاد بأن سكينة هي التي استأجرت الغرفة التي عثر فيها على عظام تحت البلاط. كما لاحظ أحد المخبرين انبعاث رائحة بخور قوية من منزل ريا ،وبعد سؤال الأخيرة عن السبب قالت إنها تقوم بذلك من أجل إضاعة رائحة الرجال المخمورين الذين يدخلون للمنزل برفقة أختها ،لكنه لم يقتنع بهذا الكلام ،فأمر بتفتيش الغرفة ليلاحظ بأن بلاطها حديث العهد ،وكذلك تصاعد رائحة العفونة من الغرفة ،ثم وبعد تفتيشه بقية المنزل عثر على جثة امرأة ،ليقرّر عندها اصطحاب ريا إلى مركز شرطة اللبان.
هناك ،اعترفت ريا بالجرائم بعدما قامت قوات الأمن بالتفتيش تحت بلاط حجرات المنزل ،التي كشفت عن الكثير من جثث النساء ،كما عثر الملازم أحمد عبد الله على الكثير من المصوغات الذهبية التي قدّر سعرها بما يقرب من 120 جنيهاً في منزل المتهم عرابي ،بالإضافة إلى مصوغات بمبالغ مقاربة في منازل بقية المتهمين. تقول الروايات الشعبية أيضاً إن أهم الشهود في هذه القضية كانت تتلخص في الطفلة بديعة ابنة ريا ،التي قامت بطلب الأمان حتى لا تنتقم منها خالتها ،وحينها شهدت بأنها كانت ترى أمها وخالتها يقومان باستدراج النساء ،كما قام الرجال بذبحهن ودفنهن.
في 16 أيار/مايو عام 1921، صدر الحكم على ريا وسكينة وزوجيهما واثنين من البلطجية اللذين شاركا في أعمال القتل بالإعدام. كما حكم على حسن علي ،وهو الصائغ الذي كان يشتري ذهب الضحايا بالسجن لخمس سنوات ،لتكون ريا وسكينة أول امرأتين يصدر بحقهما الحكم بالإعدام ،بعدما كان الدستور يمنع إعدام النساء. مع إعدام السفاحتين عاد السلام إلى مدينة الإسكندرية التي عاشت أقسى لحظات الرعب لعامين كاملين ويبدأ الناس بتناقل هذه القصة.
يقال إن بديعة ابنة ريا اودعت بعد ذلك في أحد دور الأيتام ،كما يشاع أيضاً بأنه تم إحراق هذه الدار من قِبل مجهولين ،ليموت جميع الأطفال بمَن فيهم الطفلة بديعة التي لم تنعم بحياة مستقرة وجميلة مثل باقي الأطفال.