كان يا ما كان في قديم الزمان ، كانت هناك امرأة تعيش مع ابنتها في بلد من البلدان ، وفي ليلة من الليالي ، جاء شاب لزيارة البنت ، وأمضى معها أمسية لطيفة حتى الصباح ، وبعد ذلك ، صار يأتي كل مساء ، وفي يوم من الأيام ، حلّت ليلة تغيير الفصول من الشتاء إلى الربيع ، وفي تلك الليلة جاء الشاب كعادته .
فطلبت منه البنت ، قائلة : سأخرج قليلاً لقضاء بعض الحاجات ، لذلك أرجوك أثناء غيابي ، أن تقوم بتحميص فول ليلة تغير الفصول هذه ، واستقبالها برمي تلك الحبات خارج البيت طردا للأرواح الشريرة .. ثم خرجت ..
آنئذ ، تحول الشاب إلى ثعبان والتف حول القضيب المتدلي من السقف فوق جمر الموقد ، وراح يحرك بذيله حبات الفول داخل الوعاء المعلق برأس القضيب . لما عادت البنت وألقت نظرة خاطفة إلى داخل الغرفة ، أوشكت على السقوط من الدهشة والعجب ، وأسرعت إلى أمها وأخبرتها بالأمر ، فقالت لها الأم : إذا كانت الأمور هكذا فحياتك في خطر ، لذلك أدخلي خيطًا في إبرة ، ثم اغرزي الإبرة خفية بطرف ثوب هذا الشخص .
فعلت البنت ما قالت لها الأم تماما ، فلما انتصف الليل وعمّ الظلام، أدخلت خيطا في إبرة وغرزتها خفية بطرف ثوب الشاب ، وعند انبلاج الفجر انطلق الشاب عائدا إلى بيته ، وراح الخيط يمتد وراءه خارجا من ثقب الباب الورقي .
لاحقت الأم ذلك الخيط إلى أن وصل إلى بركة داخل الجبل ، وقفت على طرف تلك البركة وأخذت تصغي بدقة ، لما يقول الثعبان لأمه : يا أمي حدث لي شئ مخيف ، فليلة أمس ، غرزت بالإبرة في منزل تلك البنت البشرية .
فقالت له الأم : لقد قلت لك لا تذهب إلى بيوت البشر ، فأنت قد انتهيت ، ولم يعد بمقدورك العودة ، لأن الإنسان إذا وخزك بالإبرة فسوف تموت بسم الحديد …
فأجاب الابن : ولكن يا أمي لست نادمًا ، لأنني زرعت في تلك البنت البشرية كثيرًا من الأطفال ، وهكذا لن تنقرض ذريتي .
فردت عليه الأم ، قائلة : حتى ولو قلت لك ذلك ، فهذا بلا معنى ، لأن ما نسميه إنسانًا ذكي جدًا ، فهو إذا سقى البنت خمر الخوخ في آذار ، أو خمر السوسن في أيار ، أو خمر الأقحوان في أيلول ، فسوف يسقط من بطنها جميع أطفال الثعابين .
وما أن سمعت أم البنت هذا الكلام حتى أسرعت بالعودة إلى البيت ، وصنعت خمرًا من أزهار الخوخ وسقته لابنتها ، وسرعان ما راحت تتساقط من بطنها ثعابين صغيرة كثيرة ، حتى امتلأ الوعاء منها .
ومن ذلك الحين انتشرت ، كما يقال ، عادة أن يشرب الناس خمر الخوخ في آذار ، وخمر السوسن في أيار ، وخمر الأقحوان في أيلول ، وانتهت الحكاية عند ذلك .