قصة طبيب الغابة
ذات صباح إرتدى الثعلب معطفا أبيض اللون وقال: لقد قررت أن أصبح طبيبًا… وانطلق الثعلب في الغابة ليعلن عن نفسه ويخبر الحيوانات بالخبر قائلاً : من اليوم أنا أحد أطباء الغابة ، فاستوقفه القرد وقال له : أين تعلمت الطب أيها الثعلب ؟
فرد الثعلب في إستعلاء : لا تكثر من الأسئلة أيها القرد ألا ترى معطفي الأبيض.
إن الطب علم وفن وليس معطفًا أبيض فقط .
إذا مرضت أيها القرد فتعال إليّ وسوف ترى الطب الحقيقي عندي …
وانطلق الثعلب وقابل صديقه الذئب وقال مبتسمًا : لم تر طبيب الغابة الجديد؟
فردّ عليه الذئب منافقًا : نعم أراك أيها الثعلب الصديق الطبيب وأنت ترتدي ثوب الأطباء الجميل ، لو كان الأمر بيدي لجعلتك كبير أطباء الغابة. ومن ساعتها انطلق الذئب في الغابة يروي حكايات كاذبة عن مهارة الثعلب في الطب ، وكيف استطاع علاج كثير من الأمراض التي حيرت غيره من الأطباء ، وأنه يصف الدواء البسيط فيشفى به المرضى .وطبعًا بعض الحيوانات خدعها كلام الذئب ، ومن هؤلاء الخرتيت الذي قال : سوف يكون الثعلب هو طبيبي المفضل ، وقالت الغزالة : لن أذهب لطبيب غير الثعلب … لكن القرد قال : إني لن أذهب إليه أبدًا فما أعلم عنه علمًا في طب أو غيره.
فقال الذئب :أيها القرد أنت تبغض الثعلب وتحسده ، ولذلك لا تريد أن تعترف به طبيبًا .
فرد القرد : يعلم الله أني لا أحسده ، وإنما أريد أن أعرف أين ومتى تعلم الطب ؟ وهو لم يغادر الغابة ، ولو علمت أنه تدرب على يد أحد من أطباء الغابة للإقتنعت به وفرحت به.
فقال الذئب : إنما هو طبيب بارع وإن هذه موهبة .
وهنا قال القرد : فليكن ولكن لن أتعالج عنده أبدًا.
وبمرو الأيام خصص الثعلب مكانًا في بيته ليستقبل فيه مرضى الحيوانات ، وأحضر بعض الأعشاب من الغابة وبدأ يعطيها كل من أتاه شاكيًا ، مدعيًا بذلك أنه قد توصل إلى تشخيص مرض وهذا العشب سيعالجه ..
وذات صباح استيقظت الحيوانات على زئير الأسد وصوته المرتفع وهو يتأوه ويقول لمن حولة : هاتوا الطبيب ، الألم سيقتلني ، فأسرعت الحيوانات إلى طبيب الغابة الجديد وهو الثعلب وصاحوا به : أيها الثعلب الطبيب أدرك الأسد فإنه في ألم شديد … وخاف الثعلب أن ينكشف عجزه في الطب ، لكنه لم يجد مفرَّا من الإستجابة لطلبهم ، وتوجه معهم مباشرة إلى بيت الأسد وهو يرتعد من الخوف … وفي الطريق قابله الذئب فقال له : أين تذهب يا صديقي الثعلب بصحبة الحيوانات ؟
إني ذاهب لعلاج الأسد .
فقال الذئب بلهجة لا تخلو من السخرية : لا تنسى أن تعطيه العلاج المناسب .
فرد الثعلب وقلبه يسرع في دقاته : بالطبع .
دخل الثعلب وهو يرتدي معطفه الأبيض على الأسد الذي كان هائجًا ويتوجع بشدة ، ولما وقعت عين الأسد عليه صرخ في وجهه : هيا أعطني شيئًا يخفف آلامي.
حالاً يا سيدي الأسد .
ارتبك الثعلب ولم يدر ماذا يفعل ، وأيقن الآن أن كذبه وخداعه للحيوانات قد يكلفه حياته ، وأن هذا الأسد الهائج قد يقتله ، وقد ينفس عن غضبه بقتله، حينئذ تمنى لو أنه اعترف بالحقيقة ، ولكن الوقت متأخر ، وماذا سيفعل الآن ؟ … إستيقظ الثعلب من تفكيره على صراخ الأسد وزئيره ، وأخذ يبحث في أعشابه فالتقط بعضها وأعطاها للأسد .. تناول الأسد أعشاب الثعلب فما زادته إلا ألمًا على ألمه ، فزاد هياجه وصراخه…
وهنا دخل الفيل إلى بيت الأسد ومعه طبيب حقيقي من أطباء الغابة، وبدوره أسرع الطبيب نحو الأسد وكشف عليه وأعطاه العلاج المناسب،وبمرور بعض الوقت بدأ الأسد يشعر بالراحة… في هذا الوقت حاول الثعلب أن يتسلل خارجا من البيت ، ولكن الأسد رآه فأمره بالبقاء حتى يتحرى عن أمره .
وبعد أن استراح الأسد قال لطبيب الغابة الحقيقي : أنظر في أمر هذا الثعلب الطبيب ، اسأله عن علمه في الطب والدواء.وهنا افتضح أمر الثعلب وظهر كذبه فقال له الأسد : من جعلك طبيبًا، قال الثعلب: لقد قررت من تلقاء نفسي أن أكون طبيبًا.
بدون علم ولا تدريب
نعم
فقال الأسد : وأنا قررت أن تكون طعامي اليوم ، فكما ترى لم أخرج للصيد بسبب مرضي .. وبالفعل أكل الأسد ذلك الثعلب الطبيب الكاذب. وفي المساء تقابل القرد مع صديق الثعلب وهو الذئب ، فقال القرد : لقد ضاع صديقك الطبيب وأكله الأسد ولن تجد أحدًا يعالجك ، فرد الذئب بمكر ودهاء : ومن قال لك إنني كنت سأذهب للعلاج عنده؟
ماذا؟ لقد كنت تصفه بالطبيب البارع.
كنت أخدعه وأنافقه.
انتقم الله منك ، لقد قتلته بهذا الخداع والنفاق ولو صدقته النصيحة لأنقذته من الهلاك …..
***
المؤلف/عبدالله محمد عبدالمعطي