قصة عن فضل الأب
يحكى في هذا الزمان عن شاب نشأ مرفه الحال ،فقد استطاع والده أن يوفر له كل احتياجاته منذ الصغر ،ولم يبخل عليه والده بأي شيء فادخله أحسن وأغلى المدارس ،وعندما كبر احضر له سيارة فخمة حتى يتباهى وسط زملائه وادخله اكبر الجاماعات …كان يعطيه كل ما يتمناه وكانت كل طالبته وأومره مجابة في الحال …
إلا أن الشاب في الواقع كان لا يرى أي وجود لوالده في حياته ،وكان أصدقائه هم أهم أشخاص لديه فكان يرى أنهم أهم من والده ووالدته ،ولولا الأموال التي يحصل عليها من والده ،لما استطاع أن يخرج معهم أو يركب سيارته الفاخرة أو يذهب إلى الأماكن الراقية والغالية والفخمة معهم …
وكان والده كلما طلب منه أن يجلس معه قليلًا ليتكلم معه قليلًا في شئونه أو يتسامرا قليلا أو أي أمر من التي يمكن أن تجمع الأب مع أبيه ،كان يتجاهله أو يقول له عندما أعود لأني مشغول أو أي شيء من هذا القبيل …
لأنه كان يرى أن والده كبير في السن ولن يستطيع أن يتماشى مع أفكاره العصرية أو يفهم تصرفاته التي تتماشى مع روح العصر بينما والده من الجيل القديم ،وحتى عندما كان والده ينصحه بعمل شيء ما ينفعه أو أن يمتنع عن فعل خاطئ ،فإن هذا الشاب كان يشعر بالغضب الشديد ويتجاهل كل ما كان يقوله له والده ،أو يقوم بعمل عكس ما قاله والده .
وظل الشاب على تلك الحال لفترة طويلة ، حتى حدث أمر هز كيانه بقوة …
ففي أحد الأيام بينما كان يجلس مع أقرب صديق إليه وجد هاتف صديقه يرن ، وعندما رد الصديق على الهاتف بدت على ملامحه الصدمة وبدأ في البكاء ، فقد توفى والده فجأة ، وكان هذا الصديق يتعامل مع والده بنفس الطريقة التي يتعامل بها هذا الشاب …
وفي ذلك الوقت بدأ هذا الشاب يتذكر والده ويتذكر الطريقة التي كان يتعامل بها معه ، ويتذكر أن والده يطلب منه دائمًا ن يجلس معه وهو يرفض باستمرار ،فشعر بالندم الشديد ،وخاصة بعدما سمع حديث صديقه عن والده وكيف أنه فوت كثير من اللحظات التي كان يمكن أن يقضيها مع والده ،ولكنه كان يتجاهله …
وعندما عاد هذا الشاب من جنازة والد صديقه ، ذهب مباشرة لوالده وقبل يديه واعتذر له عن تصرفاته السابقة وقرر ألا يعود لمثل تلك التصرفات أبدًا لأن الحياة القصيرة وربما يفقد والده في أي لحظة فيندم حين لا ينفع الندم .