يحكى أنه كان هناك فتاة شابة جميلة رقيقة مفعمة بالحياة ،كانت تعيش حياة هادئة مستقرة ،كان لديها صديقات تخرج معهن وتتسلى وكانت تحب عائلتها كثيرا.إلى أن جاء اليوم الذي وقعت فيه في حب أحد الشباب ،مرت ثلاث سنوات وهي تخرج معه باسم الحب ،كانت تعشقه إلى حد الجنون ،وأصبحت حياتها بأكملها تدور حوله هو فقط ،تفعل كل شيء من أجل إرضائه ،كانت تفعل ما يطلبه منها دون تردد ،حتى أنها لم تعد ترى صديقاتها ،وكانت تعتذر عن الخروج معهن ،لأنه كان شغلها الشاغل.أهملت واجباتها اتجاه أهلها وكانت تكثر من الخروج ليلا نهارا معه ،تسبب هذا في كثرة المشاكل مع والديها واخونها.
ولكن هذا الشاب لم يكن جديراً بهذا الحب ،فبعد سنوات الحب اكتشفت في يوم من الأيام خيانته لها ،وعندما واجهته بذلك لم ينكر وقال لها أنه كان يمضي فقط بعض الوقت ويستمتع بالخروج معها للتسلية فقط وقال لها أنه عندما يفكر في الزواج فستكون هي أخر فتاة قد يفكر بيها لأنها سلمت نفسها إليه مثل الدمية في يد الطفل.
صدمت وقضت الفتاة ليالي في أشد الوجع والحزن بعد أن فارقها وتخلى عنها في منتصف الطريق ،أصبحت تقضي كل وقتها في غرفتها ،لا تريد أن تتكلم مع أحد ،وكانت تقضي ساعات طويلة تنظر إلى الحائط وتبكي وتتذكر من كانت تعشقه وتحبه وتخلت عن كل حياتها وأصدقائها فقط من أجله.
كانت لا تصدق ما وصلت إليه حالتها ،فقلبها كان ينبض بالأمل ،وأملها الوحيد أن يعود إليها يوماً ما نادما على ما فعله معها ،ووعدت نفسها أن تنتظره إلى الأبد مهما طال غيابه ،فقد عماها الحب عن كافة أخطائه.
وفي يوم من الأيام استيقظت الفتاة من نومها فجأة ،واتجهت على الفور إلى مكتبها بالغرفة ،وأخرجت منه المصحف الشريف وجلست تقلب صفحاته وآياته ،وكأنها غير واعية ،فكانت تفعل هذا وهي لا تعلم ماذا تريد ،فقط وجدت نفسها تفتح المصحف وتقلب في صفحاته ،خاصة أنها كانت غير متدينة ولا تقرأ القرآن بشكل مستمر ،ولا تحفظ من القرآن الكريم إلا القليل جداً.
أخذت الفتاة تتطلع في آيات القرآن الكريم وإذا بها تتوقف على قول الله تعالى :” واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ”رق قلب الفتاة ودمعت عيناها ،ثم قرأت قول الله عز وجل :” وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ”فشعرت أنها رسالة من الله تعالى إليها ،فأكملت الآية الشريفة :” أجيب دعوة الداع إذا دعان ”فتنهدت ونطق لسانها : يا رب .ثم قلبت الصفحة مرة أخرى فقرأت قول الله تعال : ” وما كان ربك نسياً ”فاطمأن قلبها حتى وصلت إلى نهاية المصحف الشريف فعادت عيناها تنظر إلى الغرفة حولها فوجدت ورقة معلقة على الحائط كانت قد علقتها منذ زمن ولا تدري معناها ومكتوب عليها قول الله تعالى“وبشر الصابرين”
هنا ابتسمت ،وعلمت أن الله عز وجل أراد أن يطمئنها ،وأيقنت أن من يرحل عن عالمها فهو ليس مكتوب لها ،ولكن هناك خيرا لها ينتظرها عندما يحين الوقت الذي يريده الله لها.
ندمت أشد ندم وأستغفرت الله كثيرا وعهدت نفسها بالإلتزام بدينها وأن تقرأ القرآن كل يوم وتصلي كل فرض.
ثم خرجت الفتاة من غرفتها وعادت إلى عالمها وأهلها وأصدقائها من جديد ،أصبحت أقوى وأصلب بقوة إيمانها بالله ،رزقها الله بعد ذلك بزوج صالح يحبها ويقدرها ،وأصبحت حياتها أسعد بالله وبطاعته ،فقد تعلمت أن الحرام طريق يسلكه المرء للهلاك.
قال تعالى *قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم *