قصة “لا ناقة له فيها ولا جمل”
في أحد الأيام كان هناك امرأة يطلق عليها البسوس ، وكانت ترتحل بناقتها ، فدخلت في أرض أحد القبائل العربية قديمًا ، وكان بين هذه القبيلة جساس بن مروة وكان جساس أحد سادة قومه .
كانت ناقة البسوس تتنقل لتأكل ، وفي أحد الأيام دخلت بين إبل شخص يدعى كليب بن وائل ، وكان هذا الشخص يشهد له القوة والقسوة ، وعرف عنه الجبروت ، فألقى بسهم على الناقة فقتلها على الفور .
فشعر جساس أن ما حدث لا يصح ، قتل ناقة سيدة نزلت في حماه وحمى قومه ، وبالتالي قرر قتل كليب وبالفعل قتله. واشتعلت حرب بين قوم جساس وبين قوم كليب ، وسميت بحرب البسوس ، نسبة لاسم صاحبة الناقة ،والتي استمرت أربعون عامًا. وكان هناك رجل يسمى الحارث بن عباد ، وعرف بلقب أبو منذر أو فارس النعامة .
كان الحارث قوي وذكي ومشهور بنظم الشعر ، قرر الحارث أن يعتزل حرب البسوس ، وأطاعه في قراره أهله وقبيلته ، وحين سُئل الحارث عن سبب مقاطعته للحرب قال هذه حربُ لا ناقة لي فيها ولا جمل ، لأنه ليس له سببًا يحارب من أجله ، والمشكلة كلها لا تتعلق به فلما يشارك بالحرب .
وتؤكد السير العربية القديمة أن الحارث لم يكن راضٍ عن قتل كليبًا بسبب ناقة ، وكان موقف الحارث واضحًا وأيده فيه الكثيرون ، ولكن تغير موقف الحارث حين قتل ابنه ، وشعر حينها الحارث بالغضب واشترك في الحرب انتقامًا لولده .
العبرة من المثل
يجب أن لا يتورط الإنسان بالأشياء التي لا شأن له بها ، خاصة وإن كانت هذه الأشياء قد تضره . ويجب أن نحكم العقل والتفكير أولًا ، قبل اتخاذ قرارات قد تؤدي إلى هلاك الكثير من الناس دون سبب .جاء الإسلام إلى هذه القبائل الجاهلية لينير قلوبهم ، ويمحو منها القسوة والغلظة ويبدلها رحمة وحب.