في يوم من ليالي الصيف الحارة كان القط الرمادي مينو الصغير يرقص ويمرح تحت الشجرة ،فمرة يستلقي على ظهره وأخرى يتمدد على جنبيه، ومرة يلحس قوائمه أو يدعك عينيه الزرقاوين أو أنفه الوردي، وأحيانًا ينط هنا وهناك ويداعب الهواء أو يلحق خنفساء تطير أو تدب.
وفي الليلة الرابعة عشر من الشهر أضاء القمر ليل الصيف فكان دائريًا كالكرة وأبيض كالثلج ومضيئًا منيرًا كمصباح وهاج لفت القمر انتباه القط منيو الصغير، فظن أنه كرة كبيرة يمكنه تسلقها والركوب عليها وضربها ودحرجتها في كل الجهات ابتهج القط منيو فصاح : ماوماو معلنًا ترحيبه بهذه الفكرة المسلية .
ودع مينو أمه مينوش وقال لها أنه ذاهب لرحلة صيد لتلك الكرة البيضاء، ابتسمت الأم وطلبت منه ألا يطيل الغياب، رفع مينو رأسه نحو القمر وتسمرت عيناه على صفحته البيضاء المنيرة الوهاجة وواصل السير للإمساك بكرته ، هنا يمشي على أرض مستوية وهناك على تلال ومنحدرات هنا يصعد حافة وهناك ينزلها كانت الطرق صعبة وشاقه وتعب مينو تعبًا شديدًا فقرر الاستراحة والاسترخاء لكن النعاس غلبه فنام نومًا عميقًا بجوار صخرة كبيرة .
طلعت شمس الغد ولم يستيقظ مينو من شدة التعب واستمر يغط في نومه العميق حتى وقت الظهيرة حيث اشتدت حرارة الجو والأرض من تأثير أشعة الشمس واشتد العطش والجوع بالقط مينو ومنعته حرارة الشمس الحارقة من البحث عن الماء والطعام ، فتمدد في الظل بجوار الصخرة ، وعند الغروب اعتدل الجو فخرج مينو يبحث عن الطعام والشراب وفجأة سطع القمر بوجهه الأبيض الباسم ونوره الوهاج فملأ الجو والأرض نورًا ساحرًا فتن مينو من جديد وقرر استئناف السير والمغامرة للظفر بكرته الكبيرة لكن العناء كان كبيرًا واستحال الحصول على الكرة .
تكررت مغامرات مينو يومًا بعد يوم فكان ينام ليتخلص من العناء والتعب وليلة بعد ليلة كان القمر يذوي قليلًا قليلًا فكان مينو يجد السير طمعًا في الفوز بكرته الكبيرة البيضاء قبل أن تختفي لكنه لم يحصل عليها ، بعد أن أصبحت الليالي الأخيرة من الشهر مظلمة مخيفة اختفي القمر وحن مينو إلى أمه وحضنها الدافئ وشغب أصدقائه وأراد الرجوع إلى بيته فغابت عليه معالم طريق العودة وتاه في المسالك والشعاب وأنهكه الجوع والعطش والجهد والإرهاق .
بعد أيام من المعاناة والبحث في الطرق والشعاب ، وصل مينو بيته وقابلته أمه بابتسامة عريضة بعد أن شرب مينو حليبه بدأ يخبر أمه بقصته وكيف أن الكرة البيضاء فقدت كل وزنها وهي تهرب منه حتى اختفت ضحكت الأم وقالت هذا هو القمر يا مينو يعكس ضوء الشمس فنرى الجزء المضيء منه ، نزلت دمعة وحيدة على خد مينو وقال إذا كنت تعرفين كل ذلك فلماذا تركتني أمر بهذه الرحلة الشاقة قالت الأم أفضل طريق للمعرفة هي التجربة أنا مررت بهذه التجربة كما مررت أنت بها ..