قال تعالى: ” ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب” ( سورة هود: الآية 64)
عاش سيدنا صالح عليه السلام في قبيلة ثمود، وقد اختاره الله ليكون رسولا إلى قبيلته، لينهى الناس عن عبادة الأوثان ويعبدوا الله وحده لا شريك له.
كان صالح عليه السلام يعرف أن زعماء القبيلة أناس مفسدون في الأرض لا يحبون الخير، وأنهم يبطشون بكل من يدعو الناس إلى الإنصراف عن عبادة الأصنام. ورغم ذلك أعلن صالح عليه السلام دعوته للناس وبشر برسالته، فقد كان لا يخاف أحدا غير الله.
وكان في قبيلة ثمود تسعة رجال أقوياء، كانوا جميعا يفسدون ولا يصلحون. وذات يوم ذهب أفراد القبيلة إلى صخرة كبيرة في الجبل كانو يعبدونها منذ زمن بعيد، حتى أصبحت هذه الصخرة مقدسة لدى القبيلة والناس، يقدمون لها القرابين، ويطلبون منها الرزق والبركة،ورأى صالح عليه السلام ما يفعل قومه، فحزن من أجلهم،ونصحهم كثيرا. ثم ذهب إليهم عند الصخرة وقال لهم: يا قوم، اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، فهو الذي خلقكم وهو الذي يرزقهم، وهو الذي أنشأكم، وهو الذي أرسلني إليكم لتعبدوه وحده ولا تشركوا بعبادته أحدا، يا قوم، استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب.
فقال القوم:إذا كنت حقا رسولا من الله تستطيع أن تخرج لنا من قلب هذه الصخرة الصماء ناقة، ولن نؤمن برسالتك حتى تخرجها.
قال صالح عليه السلام: سأدعو الله، فإذا فعل ذلك فهل توحدون الله وتؤمنون بأني رسوله إليكم؟
قالوا: نعم يا صالح، فمتى الموعد؟
قال لهم صالح عليه السلام: غذا في هذا المكان.
مع أول خيوط الفجر انطلق صالح حيث توجد الصخرة الكبيرة، واجتمعت قبيلة ثمود بأسرها عند الجبل، ورأوا صالحا ينظر إلى السماء بخشوع ويديه تشيران إلى الجبل وإلى قبيلة ثمود، فأدركوا أن صالحا يتضرع إلى ربه يطلب منه آية على صدق رسالته. وفجأة نهض صالح، وأشار بإصبعه إلى نقطة في الجبل، وسمع أفراد القبيلة جميعهم صوتا يشبه تشقق الصخور، ثم ظهرت ناقة جميلة يحبها المرء بمجرد رؤيتها.
سجد صالح عليه السلام لله شكرا وتعظيما، ونظر أفراد القبيلة بانبهار إلى تلك المعجزة، وسجد بعضهم لله، وأًصبحت الناقة رمزا لرسالة صالح عليه السلام، الذي قال لقومه : هذه ناقة الله، إنها آية السماء وإياكم أن تؤذوها أو تمسوها بسوء، فسوف تحل بكم لعنة الله إذا فعلتم ذلك.كانت الناقة تشرب ماء البئر يوما ويشربون هم يوما ، وكانوا يحلبونها فتغطيهم لبنا يكفيهم جميعا، لكن الشيطان أغواهم، ووسوس لبعض أشرارهم أن يقتلوا الناقة، وكان عدد هؤلاء الأشرار تسعة، قلوبهم مليئة بالحقد على نبي الله صالح عليه السلام.
وذات ليلة وبعد أن نام الناس، اجتمع أولئك الرجال التسعة وتساءلوا: ماذا نفعل؟ كيف نتخلص من صالح؟
فقال أحدهم: الأفضل أن نتخلص من ناقته ونقتلها.
وبالفعل، اتفق الرجال التسعة مع أحد القتلة ليقتل الناقة، ومع ذهاب الناقة للشرب فجرا قابلها هذا القاتل المأجور بسيفه وطعنها في رقبتها، ثم جاء الرجال التسعة وراحوا يطعنون الناقة بالسكاكين والخناجر.
استيقظ صالح عليه السلام والمؤمنون على هول الجريمة، ومضى صالح والذين آمنوا ليشاهدوا ما حل بناقة الله، فلم يجدوا سوى الدماء تلوت الأرض وقمة الجبل.
قال صالح للكفار و للقتلة: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام فقط، فلسوف يحل بكم العذاب لأنكم قوم ظالموم، تكفرون برسالة الله وتقتلون ناقة الله ولا تحبون الخير.
وفي الموعد المحدد استيقظ الظالمون على صيحة مدوية دمرت قبيلة ثمود، ولم ينج أحد سوى صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين.