قصة يوم الصمت
يحكى أنه كان هناك ولد طيب اسمه راشد ، فرغم أنه كان ولدًا عاديًا ولكنه لم يكن يستطيع سماع أي شيء إلا أنه كان ولد أصمًا ، ولكن راشد كان ولدا معروفًا للجميع في المدينةوكانوا جميعًا مغرمين جدًا به ، فعلى الرغم من ذلك بدا عليه الحال دائمًا أنه يُعامَل بشكل مختلف عن الآخرين .كان الأطفال يشعرون دائما بالقلق من أنهم سيؤذونه ، ربما لأنه لا يسمع إن كانت الكرة ستصيبه أثناء اللعب ، ولهذا تصرف معه الكبار وكأنه غير قادر على فهمهم .
راشد لم يعجبه هذا كثيرًا لكن الشخص الذي لم يعجبه أكثر هو صديقه مازن ،لذلك قرر ذات يوم أن الأمور يجب أن تتغير ، وكان والد مازن هو عمدة البلدة ، وقد نجح مازن في إقناعه بأن هذا العام يجب أن يكرسوا يومًا من المهرجان للصم ، تكريمًا لراشد وخلال ذلك اليوم كله سيكون على الجميع في المدينة ارتداء سدادات أذن كي يصيروا مثل صديقه راشد .
أحب الوالد هذه الفكرة وأحبوها الناس أيضا عندما سمعوا بها، لأن الجميع كان يحب راشد، وأصبح هذا اليوم يعرف باسم يوم الصمت . وبالفعل أٌقيم الاحتفال وعندما وصل الجميع للإحتفال وضعوا السدادات في آذانهم بروح من المرح الكبير ، وقد كان ذلك الصباح مليئًا بالنكات والسخرية والضحك ، ولكن مع مرور الساعات أصبح الناس أكثر وعيًا بمدى صعوبة الحياة عندما لا تستطيع سماع أي شيء .
ويومها تعلم الناس كيف كانت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للصم ، وبالطبع كان هذا لا يقارن بأكبر اكتشاف لهم في اليوم ، فقد اكتشفوا أن راشد كان مذهلاً لتحمله ذلك الصمم ففي ذلك اليوم لم يكن أحد يفكر في راشد باعتباره مجرد شخص أصم ، وهذا يعني أنه يمكن معاملته مثل أي صبي صغير آخر ، حيث شاهد الناس جانبًا جديدًا تمامًا منه .
ليس هذا فقط فقد كان لدى راشد عقل لامع وحاد ، فباستخدام إيماءاته المعتادة كان راشد هو الشخص الوحيد الذي يمكنه التواصل بشكل أفضل مع الجميع ، وكان هذا يعني أن الناس يبدون اهتمامًا أكبر بما يقوله ، حيث فوجئوا بذكائه وإبداعه وقدرته على إيجاد حلول لأي مشكلة تقريبًا .
ويومها أدركوا أنه كان دائمًا هكذا ، وأنه في الحياة الطبيعية كان الفارق بينه وبينهم أن راشد يأخذ وقتًا أطول بقليل من الآخرين للتواصل ، لذا كان يوم الصمت هو اليوم الذي أصبحت فيه طبيعة راشد الحقيقية معروفة للجميع ، وكان ذلك هو اليوم الذي أدرك فيه الجميع أن عليهم إعطاء الناس فرصة لإظهار مدى أهميتهم .
وقد أراد الناس في المدينة التأكد من أن الآخرين سيتعلمون هذا الدرس جيدًا مثلما تعلموه هم ، لذلك منذ ذلك اليوم كلما جاء زائر إلى المدينة ، رحبوا به بفرح ووضعوا على رأسه خوذة مزودة بلوحات الأذن السميكة العظيمة ؛ مما يعني أنهم لا يستطيعون أن يسمعوا أي شيء ، وهكذا يحتفلون معهم بيوم الصمت العظيم .