قصص التواضع في الإسلام
تواضع الأمين والمأمون
كان الكسائي يؤدب الأمين والمأمون ، ابني هارون الرشيد ، فأراد يومًا النهوض من عندهما ، فابتدرا إلى نعله ليقدماه له ، فتنازعا أيهما يقدمها له ؟ فاصطلحا على أن يقدم كل واحدة منهما فرده منها ، فلما رفع الخبر إلى الرشيد وجه إلى الكسائي من يحضره ، فلما دخل عليه ، قال له : من أعز الناس ؟.
قال : لا أعلم أعزّ من أمير المؤمنين ، قال : بلى ! إن أعز الناس من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه له ، وليا عهد المسلمين ، حتى يرضى كل منهما أن يقدم له فردة منها .
فأخذ الكسائي يعتذر حاسبًا أنه أخطأ ، فقال الرشيد : لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لومًا وعتبًا ، ولألزمتك ذنبًا ، وما وضع ما فعلا من شرفهما ، بل رفع من قدرهما ، وبين عن جوهرهما ، ولقد تبنت مخيلة الفِراسة بفعلهما .
فلا يكبر المرء ، وإن كان كبيرًا ، عن ثلاث : تواضعه لسلطانه ، ولوالديه ، ولمعلمه ، ثم قال : وقد عوضتهما مما فعلا عشرين ألف دينار ، ولك عشرة آلاف درهم على حسن تأديبك لهما ، فهكذا يكون عطاء الملوك .
تواضع المعتصم بالله
يروى أيضًا عن المعتصم بالله انفرد عن أصحابه ، في يوم ممطر ، فبينما هو يمسي إذ رأى شيخًا معه حمار عليه شوك ، وقد توحل الحمار ووقع الحمل ، وهو ينتظر من يمر عليه ويساعده على رفع الحمل ، فنزل المعتصم بالله عن دابته وخلّص الحمار ، ورفع معه الحمل عليه ، ثم لحقه أصحابه ، فأمر لصاحب الحمل بأربعة آلاف درهم ، فهكذا يكون تواضع الملوك وحسن صنيعهم .