إن أول ما يحفظ أبنائنا من كتاب الله المجيد قصار السور، لذلك ينبغي علينا جميعا تفهيمهم معاني السور والقصص التي تحكي عنها حيث أن تعليهم في الصغر كالنقش على الحجر لا يمكن إزالته ومحوه مهما طال الزمن، ولا يوجد أفضل من كتاب الله سبحانه وتعالى للتعلم.
قصص القران سورة الفيلقصة أصحاب الفيل
إن سورة الفيل ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ” من السور المكية، وعدد آياتها خمس آيات بالجزء الثلاثين من القرآن الكريم، دائما ما يحفظها أطفالنا الصغار في بداية عمرهم وتعلمهم للقرآن الكريم ولكن الغالبية العظمى لا يعرفون شيئا عن قصة هذه السورة “قصة أصحاب الفيل” وماذا فعل الله بهم لتسلطهم وظلمهم وانتهاكهم لبيت الله المحرم.
في بلاد اليمن كان هناك حاكما ظالما وطاغيا، كان اسمه “أبرهة الأشرم” كان لديه الكثير من النفوذ والسلطة وقام بتجهيز جيش ضخم ليس له نهاية من بداية مكون من الفيلة الضخمة، كان دائما ما يحاول جاهدا على القيام بشئون مملكته على أتمم وجه على الإمكان؛ وبإحدى الأيام لفت انتباه “أبرهة الأشرم” سفر أعداد لا حصر لها إلى مكة بشبه الجزيرة العربية، وعندما سأل أحد وزراءه المقربين أفاده بأن بتلك البلدة بيت قد قام ببنائه نبي من عند إلههم يسمى “إبراهيم” عليه أفضل الصلاة والسلام، وأن كل من يؤمن بإله الكعبة يقوم بالسفر في موسم الحج ملبيا لنداء ربه ويطوف حول الكعبة؛ وعندما سأل “أبرهة الأشرم” وزيره عن كل الأشياء التي يحملونها المسافرون معهم إلى الكعبة أجابه وزيره بأنهم يتاجرون بها هناك، فيتبادلون السلع ويبيعون ويشترون.
فكرة خطرت ببال “أبرهة” من أجل ازدهار مملكته:
خطرت حينها فكرة ببال “أبرهة” وسعى في تنفيذها على الفور، لقد أمر وزيره بإحضار أفضل مصمم ومنفذ لبناء وتشييد القصور والمعابد والكنائس، وبالفعل نفذ الوزير أمره سيده وقام بإحضار أفضلهم على الإطلاق في هذا المجال، وعندما جاء “أبرهة” أمره ببناء كنيسة في غاية الروعة والفخامة وتجعل كل من ينظر إليها ينبهر بمظهرها وأمره أن تكون مرصعة بالذهب الخالص والفضة لتجذب الناظرين؛ أفنى كل العاملون كل طاقاتهم ومجهودهم لبناء تلك الكنيسة في أقرب وقت ممكن وبالفعل أنهوها في مدة وجيزة، لقد كانت فكرة “أبرهة” التي تجول بخاطره هو جعل الكنيسة مكانا يستهل إليه كل البشر من كل أنحاء العالم ليحجوا به ويتاجروا فتزدهر مملكته ويحصد المال من كل مكان كما بالكعبة؛ وعندما أخبره الوزير بانتهاء العاملين من البناء وتشييد الكنيسة التي أمر بها وأن كل ما بها كما أمر به كان، أمر “أبرهة” بدعوة كل شيوخ العرب وملوكهم والناس كافة للحج بوقت حدده بتلك الكنيسة بدلا من الكعبة، ولكن وقتما جاء الميعاد الذي حدده “أبرهة” لم يقدم إلى الكنيسة ولا بشري واحد مما جعل “أبرهة” يشتد حنقا على فشل خطته ويضطره إلى شن حرب ضد مكة بـأكملها، لقد حذره الكثيرون من خطورة ما ينوي عليه ولكنه استكبر وأبى.
شن الحرب على مكة لهدم بيت الله المقدس ودرس وعبرة:
أثناء طريق “أبرهة” وجيشه إلى مكة المكرمة خاض العديد من المعارك والتي كسبها، وعندما وصل إلى أطراف مكة المكرمة أرسل جيوشه ينهبون ويسرقون الأموال ويغتنمون غنائمها، كان “عبد المطلب بن هاشم” حاكم قريش حينها وبعدما أمر بخوض معركة ضد “أبرهة” أعاد النظر في قراره حيث أنها لن تكون حربا متكافئة مما سيترتب عليها هزيمة وخسارة قريش ووصمة عار لن تزول مطلقا طوال العمر.
دعوة “أبرهة” لحاكم قريش “عبد المطلب”:
دعا “أبرهة” حاكم مكة المكرمة “عبد المطلب” ليعرف طلباته، ولم يطلب “عبد المطلب” سوى إبله التي سلبها إياه جيش “أبرهة” مما أثار دهشة وتعجب “أبرهة” وتساؤله: “أتحدثني في أمر إبلك التي لا تزيد عن المائتين وتترك أمر البيت الذي يمثل دينك ودين آبائك وأجدادك؟!”.
رد عليه “عبد المطلب” قائلا: “أنا رب الإبل، أما البيت فله رب يحميه”.
أثار كلام “عبد المطلب” حنق “أبرهة”، وأعطاه إبله ولمنه توعده بهدم البيت مهما كلفه الأمر، فتقدم بجيشه العظيم على رأسه فيل ضخم نحو الكعبة لهدمها، ولكن الفيل برك ولم يخطي خطوة واحدة تجاه الكعبة، وأظلتهم غمامة سوداء حجبت عنهم أشعة الشمس، لقد كان سربا عظيما من الطيور تحمل حجارة مسومة من سجيل، على كل حجر مكتوب اسم من سيقتل إثره، وكان درسا قاسيا لكل من يبغي في الأرض فسادا بتكبره وتجبره وبطشه الشديد.