ما أجمل القصص وما أقيم فوائدها لأطفالنا الصغار، إنها حقا مصدر حي لتعليمهم القيم الهادفة والمبادئ التربوية والأخلاقية لذلك ينبغي علينا اقتناء الأقيم من بين أنواعها المتعددة، والقصص العالمية بشكل خاص تحمل الثقافات المتنوعة والمختلفة كليا عن ثقافاتنا فبإمكانها العمل على تجديد ثقافاتنا بكل ما هو جيد وملائم لثقافتنا أيضا.
قصة الراعي البسيطقصة الراعي البسيط من التراث اليوغسلافي
كان في قديم الزمان راعي أغنام بسيط للغاية ويسكن في مكان بسيط جدا هو وزوجته ولديه كوخ صغير بالكاد يتسع لكليهما، وبيوم من الأيام كان الراعي يعمل على مراعاة أغنام لملاكها ويتقاضى أجرا بسيطا لقاء عمله بالكاد يكفي لشراء الطعام اللازم والضروري لاستمرار الحياة حضر وفد من الناس ويسألونه عن فندق قريب حيث أنهم متعبون للغاية من سفرهم ويلزمهم الاستراحة بعض الشيء لاستكمال مسيرتهم، ولكن لا يوجد فندق قريب فدعاهم الراعي طيب القلب للمكوث معه واستضافتهم في منزله المتواضع، وقبلوا شاكرين وممتنين له كثيرا.
موقف الزوجة من أفعال زوجها:
وحالما وصل الراعي ومعه الضيوف غضبت الزوجة منه كثيرا وبدأت في الصراخ في وجه الجميع، لقد انهارت كليا وفقدت السيطرة على تصرفاتها ومن بعدها بدأت في البكاء الشديد، إنها محقة كليا في كل ما فعلت فزوجها دائما ما يحضر الناس لاستضافتهم والعطف عليهم وببيته لا يوجد حتى الطحين اللازم لصنع الخبز، فاعتذر الزوج من ضيوفه جميعا على فعلة زوجته.
حال الزوج من فترة بسيطة والسبب الحقيقي وراء تصرف الزوجة المشين:
عندما تقدم لخطبة زوجته والزواج منها كان أغنى رجل في البلدة لدرجة أن كل من عرفها حسدها على حظها الذي تفوق على الجميع، ولكنه لم يفت على زواجه إلا مدة قصيرة جدا وبدأ في إعداد الموائد التي امتلأت بأفخم المأكولات والمشروبات ودعا إليها كل الفقراء والمساكين وكان بعد انتهاء تناولهم للطعام يعطي لكل واحد منهم الكثير من المال والمجوهرات الثمينة ما يكفيه للعيش الرغد طوال حياته، وهكذا حتى انتشر الخبر عن كرمه وجوده في كل أنحاء البلاد والبلاد المجاورة وقدم إليه الناس من كل فج عميق، وبعد نفاذ كل ما يمتلكه من نقود ومجوهرات وأملاك وأرضي شاسعة ضاقت عليه الأرض بما رحبت وأصبح لا يملك هو وزوجته حتى قوت يومه، لذلك لا أحد يستطيع لوم تلك السيدة المسكينة على ما فعلت بهؤلاء الضيوف الكثر فمن أين لها أن تطعهم حتى؟!
الجزاء من جنس العمل:
وبيوم من الأيام كان الراعي يجلس كعادته تحت الشجرة مراعيا للأغنام وفجأة شب حريقا في الغابة هربت كل الأغنام خوفا من النار ولكن الراعي طيب القلب بداية حاول أن يطفأ تلك النيران الملتهبة ولكنه لم يتمك من ذلك إذ كانت تتزايد بشكل مخيف، وفجأة تمكن من رؤية ثعبان صغير يتألم من الدخان المتصاعد والنار تحتاط به من كل الجوانب، فصعد الراعي إلى شجرة وتدلى منها وكانت في يده عصا طويلة قربها من ذلك الثعبان المسكين فالتف حولها وبذلك أنقذ حياته من موت محتوم؛ فوجئ الراعي بالثعبان الناطق الذي أصر عليه أن يأخذه معه إلى كهف الثعابين حتى يتمكن من رد جميله الطيب معه، وعندما ذهب معه عرض والد الثعبان الصغير “ملك الثعابين” أن كل ما يطلب منه هو مجاب له، ولكن الراعي كان رجلا قنوعا ولا يحب أن يتقاضى أجرا مقابل إنقاذه للثعبان الصغير، فكافئه ملك الثعابين بأن أعطاه موهبة ستغير حياته ولكن يلزم عليه أن يجعلها سرا ولا يخبر ذهل الراعي حيث أنه علم أن ما رآه كانت حقيقة ولم يكن حلما.
الثراء الفاحش:
وفي يوم من الأيام كان جالسا تحت شجرة في نفس المكان الذي يجلس فيه دوما فقدم عصفوران ووقفا على فرع من فروعها وقال أحدهما للآخر: “هذا هو نفس الرجل الذي يجلس دوما تحت هذه الشجرة آه لو علم بالكنز الذي يقع بأسفلها”، فقام الرجل على الفور بالبحث عن الكنز ووجده على الفور ففرح كثيرا حيث أنه أخيرا سيتمكن من مساعدة الفقراء من جديد، ولكن زوجته أخبرته بأنها هي من سيتصرف بالأمور المادية وستتمكن من مساعدة الفقراء ولكن بحساب وموازنة؛ وقامت الزوجة المدبرة ببناء قصر من جديد وباسترجاع كل ما قد فقده زوجها بتبذيره على من لا وقف بجانبه أثناء أزمته وأيضا ساعدت كل من استحق للمساعدة.
يوم الحساب:
وفي يوم من الأيام كانا الزوجان ذاهبان إلى السوق لشراء بعض الأغراض وفجأة سمع الراعي صوت الحصان الذي يجلس عليه يتحدث معه زوجته التي تجلس على ظهرها زوجة الراعي قائلا: “هيا أسرعي، إنني لا أدري لما أصبحتِ بطيئة هكذا؟!”
ردت عليه مجيبة: “ألا تعلم أنني أحمل ما يفوقك عددا، إنني أحمل زوجة الراعي وابنها في أحشائها غير المشتريات ولا تستطيع أن تنسى أنني حامل أيضا في صغيرنا”.
فرح الراعي كثيرا وشكر الله وحمده على كل أنعمه؛ وعاش الراعي حياة سعيدة مع كل أصدقائه بالتحدث معهم من الطيور والحيوانات.