قصة الثعلب والذئب النهم
في يوم من الأيام لاحظ العم فهيم على إبنه الصغير فراس أنه يأكل بشراهة ،وأن كل أفكاره منصبة في الأكل داخل البيت أو خارجه ،ولاحظ أنه لا ينتظر إخوانه للأكل معا ،ولا ينتظر اجتماع أهله للأكل وكان يأكل من حصتهم أيضا.فقرر الأب قص حكاية الذئب والثعلب ليعلمه منها درسا حتى يستفيد منه ،وفي المساء وفي لقاء هادئ وعائلي جلس العم فهيم وكل عائلته ومن بينهم فراس الصغير ،فقال العم فهيم هل أنتم مستعدون حتى أروي لكم قصة “الثعلب والذئب”فقالت عائلة العم فهيم نعم نحن مستعدون لسماعها.
فقال : في يوما من الأيام وفي قديم الزمان يقال أن ثعلبا لاحظ ذئبًا سمينًا للغاية لا ينشغل إلا ببطنه ،فأراد أن يعطيه درسًا عن النهم والأكل بشراهة.
فالتقي به يومًا فوجده منهمكًا في الأكل ،فحيَّاه مرة ثم مرتين وثلاثًا لكن الذئب لم يبالِ ،ولم يعطه اهتمامًا ،إذ كان يأكل بشراهة وسرعة عجيبة.
فقال الثعلب للذئب : أراك يا صديقي تأكل بعد فترة طويلة ،بالكاد تجد طعامك ،وهو طعام ليس بشهيِ مع أنك تستطيع أن تأكل طعامًا شهيًا وبدون مجهود!
تعجب الذئب و تطلع إلى الثعلب ،وقال له : اخبرني ماذا أفعل ؟
أجابه الثعلب : إن الأمر سهل للغاية وبسيط ،استمع إلى مشورتي وأذهب إلى فناء بيت يهودي في يوم الجمعة وأعنه على استعداده ليوم السبت ،فإنه إذ يجدك تعينه يدعوك لوليمة السبت فتأكل ما لا تحلم به!
أُعجب الذئب بمشورة الثعلب الحكيم ،وانطلق في صباح الجمعة إلى فناء بيت اليهودي فلما رأوه ظهر في فناء البيت ،خرج اليهودي وكل أسرته بالعصي وضربوه ،وبالكاد هرب منهم.
وفي غضبٍ شديد انطلق الذئب إلي الثعلب ليمزقه إربًا إربًا ،فرآه الثعلب في غضب شديد ،فقال له في جدية : “لماذا تلومني أيها الذئب العزيز ؟
أجاب الذئب : لقد عرضتني للضرب المبرح وكدت أن أموت لو لم أهرب من أيديهم !
قال الثعلب : إنك غير حكيم فلا تلومني ،بل يلزم أن تلوم والدك.
سأل الذئب : لماذا ؟
أجاب الثعلب : لقد ذهبت إلي اليهودي الذي ذهب إليه المرحوم والدك ،فوالدك في يوما من الأيام تظاهر أنه يعين اليهودي في صباح يوم الجمعة.لكنه لم يصبر حتى يوم السبت بل غافل اليهودي وأكل كل طعامه في مساء الجمعة ولم يترك عظمة واحدة أو قطعة جبن صغيرة لصاحب البيت فانتقم الرجل منك بسبب تصرف والدك ،صمت الذئب قليلًا وهو يفكر في الأمر.لكن الثعلب قطع صمتهوقال له : تعالَ معي وأنا أعوضك عن هذا الضرب ،فإننا سنذهب إلي وليمة عظيمة ،لا تخف فإني سأكون معك هذه المرة ،ونشترك معًا في الوليمة.
نسي الذئب الضرب ،وانطلق مع الثعلب ليأكل من الوليمة الشهية التي سمع بها ،فسار معه في الطريق حتى بلغا بئرًا بجوارها دلوان مربوطان كما في الميزان إذا نزل أحدهما في البئر ارتفع الآخر.
قال الثعلب للذئب : سأنزل أنا أولًا لكي تطمئن ،وإن أردت أن تشترك معي انزل أنت بعدي.
قفز الثعلب في الدلو فنزل إلى ماء البئر.
نادى الذئب الثعلب وسأله : ماذا أنت فاعل في أسفل البئر ؟
أجابه الثعلب : إني مشغول بالطعام الشهي ،أرجوك لا تشغلني عن الأكل بكثرة الأسئلة و الكلام.
تطلع الذئب نحو أسفل البئر فتخيل الأكل الشهي وقد انعكس على الماء فلم يفكر في شيء ،بل القي بنفسه في الدلو الثاني ،فصعد الدلو الأول الذي به الثعلب ،لأنه أخف في الوزن لأن الثعلب ليس بدينا مثل الذئب.سقط الذئب في الماء ،وأصابه الرعبٍ الشديد ٍ،فقد حبس نفسه في الدلو النازل في الماء ،فأخد يصرخ للثعلب الواقف على حافة البئر : ماذا أفعل أيها الثعلب الحكيم ؟ اخبرني فحتمًا سيأتي الناس ويقتلونني!
أجابه الثعلب في سخرية : هذه ثمرة انشغالك ببطنكِ ،لقد فقدت كل تعقل واتزان ،لأن عقلك وقلبك انشغلا ببطنك!
أكمل العم فهيم وقال : ثم تركه وحده في الدلو الساقط وهرب ،فأنتهى الذئب الطماع نهاية مأساوية لأنه لم يكن يفكر إلا في بطنه.
فقال فراس : يا أبي أعدك ألا أكل بشراهة وأن أنتظر اخوتي حتى نأكل معا فأنا تعلمت الدرس.