قصة أبوبكر الأنصاري وعقد اللؤلؤ
يحكى في قديم الزمان عن قاضي لقب بقاضي المارستان “وقد روي لأصحابه في يوم عن قصة زواجه وهي من أغرب القصص التي سمعها الناس.يقول : أنه في يوم عندما كان يعيش بجوار مكة في شبابه ،كان جائعًا ولا يجد ما يأكله ولا يملك أي مال فخرج من بيته وسار في الطريق فوجد كيس مربوط برباط من إبريز ،وعندما فتحه وجد فيه عقد من اللؤلؤ ،فوضعه في بيته حتى يجد صاحبه.وعندما خرج مرة أخرى رأى رجل ينادي : لقد ضاع مني عقد من اللؤلؤ وسوف أعطي لمن يجده هذا الكيس وفيه خمسمائة دينار.
فذهب إليه و اصطحبه إلى بيته وسأله عن علامة العقد فلما وصفه له عرض عليه كيس المكافأة ،فقال أبو بكر الأنصاري في نفسه أنه جائع وفقير ويجب أن يأخذ المال ،ولكنه شعر أنه ليس من المروءة أن يأخذ أموال مقابل إعادة العقد لصاحبه فرفض المال ،ولكن ألح عليه الرجل ليأخذ المال ،إلا أن أبو بكر الأنصاري أصر على الرفض.
بعد ذلك قرر أبو بكر الأنصاري أن يركب البحر لعله يكسب قوته في بلد أخر ،ولكنهم عندما أصبحوا في عرض البحر تعرضت المركب للغرق وغرق من فيها ،ولكنه استطاع أن ينجو على قطعة من المركب ظلت طافية حتى وصل إلى جزيرة.
وعندما وصل إلى الجزيرة جلس يقرأ القرآن فسمعه بعض أهالي الجزيرة ،فأتوه يطلبوا منه أن يعلمهم القرآن ،فلم يبقى في الجزيرة رجل إلا تعلم القرآن على يديه ،وكانوا يمنحوا للشيخ أموال كثيرة مقابل تحفيظه لهم ، فجمع قدر كبير من المال.
وفي يوم من الايام وجد أوراق من مصحف في المسجد الذي كان يحفظ فيه الناس ،فجلس يقرأ فيها ،فقال له سكان الجزيرة ،هل تجيد القراءة ،فقال لهم نعم ،فطلبوا منه أن يعلمهم الكتابة والقراءة ،وأته كل فتيان القرية فتعلموا القراءة والكتابة ، وأيضًا أعطوا للشيخ أموال كثيرة مقابل تعليمه لهم.
كان في الجزيرة فتاة يتيمة ولها إرث من والدها ،وأرادوا أن يزوجوها لأبو بكر الأنصاري لأنهم وجدوا أنه رجلًا صالحًا وسيحسن معاملتها ،ولكنه رفض في البداية فأصروا على تزويجه بالفتاة وقالوا له انها على خلق ولن يجد افضل منها كزوجة له ، وافق الأنصاري وحدد موعدا للعرس.
وفي يوم العرس دخل أبو بكر على الفتاة وعندما نظر إليها وجدها ترتدي عقد اللؤلؤ الذي وجده في السابق ،فظل الشيخ أبو بكر ينظر للعقد ولم ينظر للفتاة ،فتعجب من حضروا العرس من تصرفه وسألوه لماذا ينظر للعقد هكذا.
فقص عليهم قصته مع صاحب العقد وكيف وجده وأعاده لصاحبه دون مقابل ،فقالوا له إن الرجل صاحب العقد هو نفسه والد الفتاة ،وأنه منذ أن أعاد إليه العقد كان يقول أنه لم يرى في حياته مسلمًا أفضل من هذا الرجل الذي رد إلى العقد وكان يدعو الله طوال حياته أن تتزوج ابنته من هذا الرجل.
وقد حصل ما تمناه الرجل وتزوج أبو بكر الأنصاري من الفتاة وعاش معها مدة وأنجب منها ولدان ،ثم ماتت السيدة ، فورث أبو بكر الأنصاري العقد هو وولداه ،ولكن الوالدان قد توفيا قبله،فورث أبو بكر الأنصاري العقد من أبنائه ،وباعه بعد ذلك بمائة ألف دينار وظل ينفق من أمواله لفترة طويلة.توفي بعد ذلك القاضي أبوبكر الأنصاري عن عمر ناهز التسعين عاما.