قصص اطفال

قصة الأسد حكيم

كان الأسد حكيم ملك الغابة أسد ذكي تحبه كل الحيوانات ، وكان يعاملهم برفق وحنان ، فيقضي حوائجهم ويسمع شكواهم ، وكانت الحيوانات تطيعه في حب وود ،ويدافعون معه عن غابتهم ضد إعتداءات الأسد هوران وأتباعه من حيوانات الغابة المجاورة الذين أرادوا هزيمة الأسد حكيم والإستيلاء على غابته .
وكان لدى الأسد حكيم إبن شاب هو الأسد شكيم ، وكان شكيم دائم الشكوى من تواضع أبيه الزائد للحيوانات ، جلس شكيم يومًا مع صديقه الثعلب فقال له :أنا في حيرة وعجب يا صديقي الثعلب .
الثعلب:من ماذا يا إبن الملك ؟
الأسد شكيم:من أبي الأسد حكيم ، بالرغم من كونه ملك الغابة فإنه لا يتصرف بطريقة الملوك ، هل تصدق أنك تدخل عليه فتجد الكلب أو الحمار جالسًا عنده يتحدث وهو يصغي إليه في إهتمام ، أين هيبته الملكية في نفوس أتباعه ؟
الثعلب:إن أباك الأسد حكيم طيب القلب وهو يستمع بحب إلى الحيوانات.
الأسد شكيم:أنا لا أحب هذا الوضع ، وحينما أصير ملكًا للغابة سوف تعود الأمور إلى نصابها ، سوف أعيد رهبة الملك الذي أضاعها أبي ، سوف يملأ زئيري الغابة فيرتعد القريب والبعيد ، سوف أجعلهم يطيعون أوامري بلا نقاش أو مراجعة .
الثعلب:إنتظر أيها الأسد ، إني أسمع صوت قدوم حيوانات من أطراف الغابة ، إنه الأسد هوران وأتباعه ، وها هو الأسد حكيم يظهر ومعه حيوانات الغابة ، إنهم يتصدون لهجوم الأسد هوران ، أنظر أيها الأسد شكيم ، إن الحمار الوحشي يهاجم الأسد هوران بقوة ، لقد ضربه بحافره ضربة شديدة ، والخرتيت يندفع نحو أتباع الأسد هوران ويهاجم بشدة ، إنهم شجعان جدًّا ، هل تعرف لماذا يفعلون هذا ؟
فقال شكيم وهو يتابع المعركة عن بعد : لأنهم يخافون من ملك الغابة .
الثعلب:بل لأنهم يحبون ملك الغابة .
الأسد شكيم:لا تذكر لي الحب أو غيره من هذه الأشياء التي لا قيمة لها .
الثعلب:لننظر ماذا ستفعل عندما تصير ملكًا للغابة ؟
ومرت الأيام وتقدم العمر بالأسد حكيم فاستدعى إبنه الأسد شكيم وقال له : يا بني : ها أنا ذا قد تقدم بي العمر وأشرفت على الموت ، وأنت سوف تكون الملك القادم إن شاء الله ، فأوصيك بحيوانات الغابة خيرًا ، إرفق بهم وإستمع لشكواهم ، فهم رعيتك وهم أيضًا سندك وقت الشدة .
فقال شكيم : أطال الله عمرك يا أبي ، ولكني إذا صرت ملكًا للغابة فسوف تكون لي سياستي الخاصة .
الأسد حكيم:وما هي هذه السياسة ؟
الأسد شكيم:سياسة تتسم بالحزم والنظام .
الأسد حكيم:قد نصحتك وسوف تريك الأيام صحة ما أقول .
وبعد أيام توفي الأسد حكيم ، وأعلن الأسد شكيم نفسه ملكًا على الغابة ، فنادى الحيوانات للإجتماع ، ووقف فيهم خطيبًا وقال : أيها الحيوانات : تعلمون أن لكل ملك سياسة تختلف عن غيره من الملوك ، وسوف أصحح كثيرًا من أخطاء أبي الأسد حكيم ، من اليوم ينبغي أن يعرف الجميع ان للملك هيبة وجاه ، فمن أراد مقابلتي فبموعد سابق ، أريد الطاعة لأوامري بلا نقاش ، من يعص الأوامر سيكون وجبتي في ذلك اليوم ..
إرتعدت الحيوانات من سياسة الأسد شكيم ، فقال القرد لجارته الغزالة : لقد صارت الأحوال صعبة جدّا في الغابة .
الغزالة:حقّا ، أتدري ماذا حدث بالأمس ؟
القرد:ماذا ؟
الغزالة:لقد استدعى الأسد شكيم أحد الحمير الوحشية وأمره أن يحمل بعض الأخشاب إلى بيته ، ولما تأخر غضب الأسد شكيم غضبًا شديدًا وهدده أنه سوف يفترسه ، وانصرف الحمار محرجًا أمام الحيوانات .
قال القرد : وقد أكل اليوم غزالاً صغيرًا مر أمام بيته لأنه أقلق نومه.
الغزالة:تقول غزالاً صغيرًا ؟
القرد:تخشين أن يكون إبنك ؟ دعينا نستطلع الأمر .
إنطلقت الغزالة مسرعة ومعها القرد إلى بيتها فلم تجد وليدها الصغير ، فأسرعت في إتجاه بيت الأسد فتلقتها الحيوانات بالدموع وهم يحملون ما تبقى  من جسد الغزال الصغير ، ولكنهم لا يستطيعون الكلام خوفًا من بطش الأسد شكيم … تجمد الدمع في عين الغزالة وحملت بقايا وليدها وعادت إلى بيتها وفي قلبها حزم كبير وألم يعتصرها .
وذات مساء قال الأسد شكيم لصديقه الثعلب : ما رأيك في الوضع الجديد بعد أن أصبحت ملكًا للغابة .
قال الثعلب : كل الحيوانات تخاف منك بشدة ولكنهم قد يكونون لا يحبونك .
المهم أن الكل منضبط ولا يهم الحب .
الثعلب:بل حبهم لك هو صمام الأمان في الغابة.
ضحك الأسد شكيم بشدة وقال في سخرية : هل الحب يبني أو يقاتل ؟ إن الحيوانات تعمل بيدها لا بقلبها وحبها .. فنظر الثعلب إلى الأسد في تعجب ولزم الصمت .
وفي صباح أحد الأيام إستيقظت الغابة على زئير الأسد شكيم الذي أمرهم جميعًا بالتجمع كي يتحدث إليهم ، فأسرعت الحيوانات بالإجتماع إستجابة لأمره وخوفًا من بطشه ، وهنا شعر الأسد بالرضا من سرعة إستجابتهم وسار بين صفوف الحيوانات متفقدًا ثم صاح بصوت عالٍ : لقد نما إلى علمي أن الأسد هوران يجمع أتباعه للهجوم على الغابة ، وأحب أن نلقنهم درسًا لا ينسونه أبدًا ، ثم التفت إلى الحمار الوحشي وقال : أريد أن أرى شجاعتك كما فعلت من قبل ، ثم توجه إلى الخرتيت وقال : وأنت يا خرتيت إن قوة قرنك سوف ترعبهم …. فأشار الحمار والخرتيت ومعهم بقية الحيوانات بالإيجاب وإظهار الطاعة والولاء للأسد شكيم .
وفي اليوم التالي : جاء الأسد هوران ومعه أتباعه للهجوم على الغابة ، فقابلهم الأسد شكيم ومعه حيوانات الغابة ثم صاح قائلاً : تقدم أيها الحمار الوحشي … تقدم يا خرتيت ، فتقدم الاثنان بخطوات متخاذلة وورائهم بقية الحيوانات ، وبدأت المعركة …. وخلال لحظات أسرعت الحيوانات هاربة  أمام مجموعة الأسد هوران .
ووجد الأسد شكيم نفسه وحيدًا في مواجهة الأسد هوران وأتباعه ، وتأكد أنه هالك لا محالة ، فولى هاربًا وطاردوه حتى فر خارج حدود الغابة واختبأ بين الأشجار الكثيفة ..
وبعد أيام قليلة جاء أحد الذئاب إلى الأسد هوران ودله على مكان الأسد شكيم ، فانطلق هوران ومعه مجموعة من أتباعه من النمور والأسود، وحاصروا الأسد شكيم ثم هجموا عليه وافترسوه .
وبعدها قال القرد للغزالة : تعالي معي لأريك شيئًا فانطلقت الغزالة مع القرد حتى وصلا إلى مكان جثة الأسد شكيم وقال لها : أنظري، هذه جثة الأسد شكيم ، لقد تجمع الطير عليها ليأكل بقاياها .
الغزالة:إن ذلك يذكرني ببقايا جثة وليدي الذي إفترسه من قبل، الآن أشعر بالعدل، ورحم الله الأسد حكيم..
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button