قصة القرد عرفان
القرد عرفان قرد صغير ، كان يعيش مع أبيه القرد وأمه وأخوته ، وكان عرفان أصغر أخوته ، وكان أيضَا أقلهم جمالاً في مظهره ، لذلك كان إخوته ووالداه وكل من حوله يسخرون منه ، ويعيرونه بقلة جماله ، وكان القرد عرفان – برغم من صغر سنه – يتمتع بعقل راجح ، وكان يستغرب منهم ما يفعلون ، إذ لا ذنب له في عدم جماله ، ثم هو قد ورث شكل خلقته من والديه وأجداده ، وفي المقابل كان أخوه القرد سرحان يتلقى المديح الدائم لوسامته وجمال منظره …
وفي يوم من الأيام قال عرفان لنفسه : إن الجمال الحقيقي هو جمال النفس ، والزينة هي زينة الروح ، لذلك لا بد وأن أستفيد بعقلي وذكائي ، وأخذ عرفان يبحث عن مكان يتعلم فيه ، فالتحق بمجالس الحكماء في البلدة المجاورة ليتعلم منهم مهارات الحياة …
وفي مدرسة الحكماء أصبح عرفان موضع تقدير وإحترام الحكماء ، وذات يوم جلس القرد عرفان مع زميله الكلب وجدان في مدرسة الحكماء فقال له وجدان : إنك يا قرد عرفان كطائر يطير بجناح واحد ،ففي مدرسة الحكماء يحترمونك وفي بيتك وبين أهلك وإخوتك يضحكون منك .
القرد:لا عليك يا كلب وجدان فلعلهم لا يفهمون حقيقة الأمور ، فهم يبحثون عن جمال وقوة الشكل ، أما أنا فأبحث عن جمال القلب وقوة العقل .
الكلب وجدان:ترى يا قرد عرفان لو أنك صرت أعلاهم وأغناهم، ماذا ستفعل معهم ؟ أظن أنك سوف تنتقم منهم وترد إليهم إساءتهم لك وإستهانتهم بك.
القرد عرفان:أبدا ، بل سوف أحسن إليهم ، فهم أهلي ولا غنى لي عنهم ، ثم ما فائدة ما تعلمته من علم وحكمة إذا فعلت كما تقول يا كلب وجدان ؟ عجبًا لك يا كلب وجدان !
الكلب وجدان:وماذا عن القرد سرحان ؟
القرد عرفان:إنه أخي وحبيبي وليس له ذنب فيما يحدث ، فهو لم يهنّى يومًا ، لذلك سأشرح له يومًا بعض العلوم التي لا يستطيع فهمها وأعلمه من حكمة الحكماء التي درستها هنا ..
ومرت الأيام ، وعاد القرد عرفان لبلدته متسلح بالحكمة والقلب الطيب ، فتغير الحال ، وأصبحت الحيوانات تأتي إلى القرد لتتعلم منه وتأكل عنده ، فقد كان لديه وفرة في الغذاء كوفرة العلم ، وكان القرد عرفان يحسن إستقبال الجميع …
وجاء على الغابة جفاف شديد ، قل فيه الماء وعطشت الحيوانات ، فخرج والد القرد عرفان إلى الغابة يبحث عن الماء ليشرب هو وأبناؤه ، فلم يجد ماء ، فذهب إلى الحيوانات التي تعيش قريبًا من عين الماء يسألهم أن يعطوه بعضًا من مخزون الماء لديهم ليشرب هو وأبناؤه ، فلم يوافق منهم أحد ، حينئذٍ جلس الوالد يفكر فيما يفعل ، هل يعود إلى أبنائه بدون ماء ، ماذا سيشربون ؟ وخطرت بباله فكرة : وهي أن يسأل عن المكان الذي يعلم فيه إبنه الناس لعله يجد عنده ماء … فسأل جموع الحيوانات : هل يعرف أحدكم مكان ولدي القرد عرفان ؟
قالت الحيوانات : هل القرد عرفان ولدك حقّا ؟
القرد:نعم هو إبني الصغير .
الحيوانات:لماذا لم تخبرنا بذلك منذ مجيئك ؟
القرد:لم أكن أعرف أن هذا شيء مهم .
الحيوانات:كيف لا تعرف مقام القرد عرفان وأنت أبوه ، تستطيع أن تأخذ ما تشاء من الماء إكرامًا لإبنك الحكيم .. حمل الوالد الماء إلى أبنائه ، ولما شربوا بعد العطش الشديد قال لهم : عليكم أن تشكروا أخاكم القرد عرفان.
الأبناء:لماذا ؟ لا دخل لعرفان بالماء.
القرد:لولا فضله وعلمه ما حصلنا على الماء ، إن أخاكم الصغير الذي كنتم تستهينون به قد صار زينة المجلس ، وموضع تقدير وإحترام الجميع .
ولما علم عرفان بما حدث لوالده وإخوته جاءهم حاملاً الماء والطعام ، فوقفوا له جميعًا وأظهروا له كل الإحترام ، وقالوا له : سامحنا يا قرد عرفان ، فقد قصرنا في حقك عندما سخرنا منك …
القرد عرفان:لا عليكم ، وأنا لا أحمل ضغينة لأحد ، ولكن عليكم أن تفهموا أن جمال العلم والعقل أهم من جمال الجسم والشكل …
***
المؤلف/عبدالله محمد عبد المعطي