قصة وعدت أمي ألا أكذب
قصة وعدت أمي ألا أكذب – توتي توتي
يُحكى أنه في إحدى القرى القديمة ،كان هناك طفل يُدعى جميل يعيش مع أمه في بيت صغير، بعد وفاة والده الذي رحل عندما كان جميل رضيعًا، بسبب إصابته بمرض عضال، وكانت والدة جميل تعتني بابنها أشد الاعتناء .لم يكن هذا الاعتناء مقتصراً على الاهتمام بالطعام والشراب والملبس، بل كانت أمه تهتم بأن ينشأ طفلها على الأخلاق الحميدة، كالصدق والأمانة والوفاء بالعهود والتواضع، ليكون سوي السلوك مع من يقابله في حياته .ولكي تُسهِم هذه الأخلاق في أن يكون مفتاحًا للخير في مجتمعه ويترك الأثر الطيب في قلوب جميع الناس.وكان لجميل عمٌّ يعمل في التجارة، ويذهب جميل معه في بعض الرحلات التجارية كي يكون قادرًا على تحمل المسؤولية، حيث كانت هذه الرحلات تحتاج إلى الصبر والجلد، ففيها يقطع الرحالة مسافات طويلة، ويصلون إلى مدن بعيدة من أجل التزود بالبضائع وإعادة بيعها في القرية التي يعيش فيها جميل والدته وفي القرى المجاورة لها .وكان جميل يتعلم من عمه أصول البيع والتجارة، وكيف يكون ذا خلق رفيع في عملية البيع والشراء من خلال الوضوح مع الناس وعدم خدعاهم.وخلال هذه الرحلة حدثت مع جميل قصة قصيرة عن الصدق وأثره على من يُصْدَقُ القولَ معهم، فبينما هو مع القافلة في طريقهم إلى التجارة هاجمهم مجموعة من قطاع الطرق المسلحين، وحاصروا القافلة بمن فيها، واستولوا على ما حملته جمالهم، وأخذوا أمتعهم وأموالهم .وبدأت بعد ذلك عملية الاستجواب وأخذ الأموال من أفراد القافلة، وما كانت تحمله جيوبهم من أموال، وحين وصل أحد رجال عصابة قطع الطريق إلى الطفل جميل سأله عمَّا يحمله من مال في جيبه، فأجابه بأنه يحمل في جيبه ثلاثين دينارًا .وهنا غرق هذا الرجل في موجة من الضحك، وسخر من إجابة جميل، ثم أتاه رجل آخر من أفراد عصابة قطاع الطرق وسأله السؤالَ ذاته فأجابَهُ الإجابةَ ذاتَها، فسخر منه الرجل الآخر وأخذوه إلى زعيم عصابة قطاع الطرق.وعندما وصل جميل إلى زعيم عصابة قطع الطريق سأله عمَّا يحمل في جيبه، فأجابه بأن يملك ثلاثين دينارًا لا غير، فسأله عن سبب صدقه في قوله وعدم التهرب من الإجابة الصحيحة كما فعل رجال القافلة مع هذه العصابة كي يحافظوا على أموالهم .فأخرج له جميل الثلاثين ديناراً التي يملكها وقال لرئيس العصابة بأنه قد عاهد أمه أن لا يكذب في القول، وأنه لن يخون أمه وما عاهدها عليه ،مهما كان السبب الذي قد يدفعه إلى إخفاء الحقيقة .
وهنا أصابت رئيس العصابة الدهشة، وكان رئيس العصابة هذا طيب القلب رغم أفعاله، فحزن من موقف هذا الصبي وتذكر أنه في سطوه على هذه القافلة قد خان أمر الله تعالى وتجرأ عليه.
وتذكر أنه كانت له أم أيضا تنصحه دائما عندما كان صغيراً بألا يكذب وألا يسرق .وعندها لم يتمالك زعيم عصابة قطاع الطرق نفسه وبكى متأثرًا بما قاله جميل له !وقال لجميل : لم تخن عهد أمك وأنا لن أخون عهد الله فيكم، فأمر زعيم العصابة بإطلاق سراح جميع أفراد القافلة، وأعاد إليهم جميع ما تم أخذه منهم، وعمل على خدمة القافلة التجارية وحراستها إلى أن وصلوا إلى المدينة التي قصدوها.وتوقفت العصابة بأمر من زعيمهم عن قطع الطريق على الناس وأخذ أموالهم بالباطل بسبب صدق الصبي جميل وقول الحقيقة ووفائه بعهده لأمه .
error: النسخ ليس ممكناً