قصة التاجر الذكي والميزان
يُحكى في قديم الزمان أنه كان هناك ملك غير عادل يحكم مملكة كبيرة، وهذا الملك لم يكن مهتما برفاهية وراحة شعبه، بل كان مهتما فقط بمكاسبه الشخصية، وللأسف كان مجلس وزرائه فاسدً مثله، واتفقوا مع الملك وكان يشجعوه على أن يظلم شعبه .
وكان يعيش في تلك المملكة الكبيرة تاجر، لكنه كان يكره الملك بسبب سلوكه غير العادل وعانى من مشاكل كثيرة مع الملك، بسبب انتقاده الدائم لما يفعله، وذات يوم وخلال المناقشة في إحدى المحاكمات للملك والوزراء .
قال التاجر “إذا كان الرجل ذكيا، يمكن عند تعرضه لأي موقف أن يقوم بحله ”
وبسبب كلامه الصريح كان التاجر مكروها من الملك ووزرائه، ولذلك أمر الملك بمعاقبة التاجر بسبب سلوكه معه، بوضع عائلته في اسطبل الخيول، وعلاوة على ذلك وضع الملك شرطاً، وهو إذا لم يقم التاجر وعائلته خلال شهر بجمع ألف من العملات الذهبية الخاصة به فسوف يعاقبه عقاباً شديداً
جلس التاجر يفكر في خطة يحل بها الموقف السيء الذي أصابه، وطلب من الملك السماح له بأخذ الميزان، وبالفعل سمح له الملك بذلك، وبمجرد أن كان التاجر داخل مسكن الخيول، بدأ أن يوزنها، وعندما شاهده الرجال الذين يرعون الخيول اعتقدوا بأنه قد فقد عقله .مع ذلك، استفسروا منه على سلوكه الغريب !!فرد التاجر قائلا : لقد وضعني الملك هنا أنا وعائلتي لأرى ما إذا كنتم جميعا تقومون بإطعام الخيول بشكل صحيح أم لا، فإذا كان وزن الخيول ضعيف، فهذا يعني بأن الخيول لم تتناول غدائها بشكل صحيح، وبالتالي سوف أبلغ الملك بهذا الأمر.شعر الرجال الذين كانوا يرعون الخيول بالرعب، لأنهم كانوا يبيعون طعام الخيول بطرق غير مشروعة وكانوا يحصلون على الأموال لأنفسهم .
لذلك توسلوا للتاجر وطلبوا منه ألا يخبر الملك بذلك، وفي المقابل دفع الرجال للتاجر الكثير من الأموال وقدموا له الكثير من الطعام، وعدلوا عن سلوكهم وقاموا بإطعام الخيول بشكل صحيح .وعند مرور فترة الشهر، دعا الملك التاجر، وعند رؤية آلاف العملات الذهبية، أصبح الملك غاضباً، وفي هذه المرة عاقب الملك التاجر بأرساله في مكان بعيد عن المملكة بالقرب من النهر، وطلب منه أن يحصل هذه المرة على ألفين من العملات الذهبية خلال شهر واحد .و فى تلك المرة سمح له الملك أيضا بأخذ الميزان، ولكن التاجر في تلك المرة بدأ يزن المياه، وعندما رآه الأشخاص الذين يركبون السفن، أصابتهم الدهشة، وقالوا له ماذا تفعل ؟فقال لهم التاجر : إنني أزن المياه، كما طلب الملك مني .فردوا عليه هل طلب منك الملك القيام بهذا العمل حقا ؟فقال لهم نعم، فأنا بعد أن أزن المياه، سأعرف منكم من يأخذ عدد ركاب أكثر من المسموح به، وسأبلغ الملك .
خاف أصحاب السفن، وبدأوا الالتزام بعدد الركاب المسموح به فقط، وطلبوا من التاجر عدم إبلاغ الملك، وفي المقابل وافقوا على دفع له بعض الأموال الذهبية، وبهذه الطريقة حصل التاجر على ألفين من العملات الذهبية التي كان قد طلبها منه الملك .
عندما مرت فترة الشهر، دعا الملك التاجر، فحضر التاجر ومعه مبلغ الألفين من العملات الذهبية، واضطر الملك لقبول الأموال، وقال للتاجر أنت على حق فيما قلته” إن الرجل الذكي يمكن أن يقابل أية ظروف ويتعامل معها”، وكافأه الملك بالعمل في القصر وطلب احضار عائلته لتعيش معه في القصر ،وأصبح المستشار الأول للملك .ولكن طلب منه التاجر في المقابل، العدول عن ظلم الرعية وأن يعدل بين الشعب وأن يهتم لأمرهم فهو المسؤول الأول أمام الله عنهم .وافق الملك على الفور وقال : بما أنك معي الأن فلن أظلم أحداً ولن يستطيع أحدا غش الشعب والملك فأنت ذكي وستكشفهم في الحال .