قصة الجمل صاحب الحيل
قصة الجمل صاحب الحيل – توتي توتي
أخيراً تحقق حلمه كما كان يتمنى طيلة حياته بأن يركب سيارة بدلاً من أن يكون هو وسيلة المواصلات لكل الناس، فإنه يدرك أن ذكائه قاده إلى ذلك التطور وخبرته الواسعة في فن الحيلة والمكر .
كان لابد أن تؤدي به إلى هذه النتيجة، كاد يقفز من الفرحة وهو يرى الصحراء خلفه ويختفي لونها ويتبدل بلون الأراضي الخضراء التي بدأت تبرز على جانبي الطريق، أخذ الجمل يستنشق هواء الريف في سعادة شديدة لم يشعر بمثلها من قبل .
فقد كانت السيارة التي تحمله منطلقة بسرعة غير عادية وقد شعر من داخله أنه هو الذي يقودها، مما ذكره بسباق الجمال الذي سبق أن اشترك فيه مرة واحدة في شبابه.كاد أن يفوز يومها لولا أنه تعثر في صخرة كبيرة وهو يجري فسقط على الأرض ومن يومها وهو يتجنب السباق ويقلل من سرعته عمداً كي لا يختاروه للمباريات مرة أخرى .فهوا يفضل أن يجلس ويشاهد أصدقائه بدلاً من أن يجري ويتعب بدون فائدة .
لمح الجمل بعينيه إحدى العربات المحملة بالأخشاب تسير ببطء أمامه على الطريق السريع وكان يقودها حمار عجوز مسكين، عندما رآه الجمل لم يتمالك نفسه وأخذ يضحك ويسخر منه .دمعت عينا الحمار وهو يسمع كلمات الاستهزاء وضحكات الجمل عليه .ولكنه لم يبالي فهوا يعلم أنه ليس بوسعه أن يفعل شيئاً له، أخذ يسير ببطء فقد ثقل عليه حمله، لكنه كان واثق بأنه سيصل ويؤدي واجبه فقد تعلم المثل القائل : الكلاب تنبح والقافلة تسير .
اختفي الحمار عن عيني الجمل فتوقف الجمل عن السخرية وأخذ يفكر لماذا اطلقوا هذا الاسم على الحمار، بالطبع لأنه لا يملك القدرة على الحيلة والمكر مثل الجمل .فقد حاولوا معه هو أيضاً أن يحملونه فوق طاقته ولكن هيهات فليس مثله من يخضع لذلك فقد كان يدعي على الفور أنه تعثر في أقرب صخرة تقابله ويٌسقط كل ما فوق ظهره على الأرض فيصيب صاحبه بخسائر فادحة .ومن يومها توقفوا عن الاعتماد عليه واسموه الجمل الكسول، ضحك الجمل واخذ يحرك قدميه بمهارة وهو يقول : أغبياء لا يعلمون أني أقوي بكثير من أي جمل آخر ،لكنها حيلتي الرائعة في الهروب من المسؤولية .قال الجمل في نفسه وهو يراقب الطريق : أخيراً سأتخلص من عيشة الشقاء وأجد من يدللني، أنا اليوم أنطلق إلى عام جديد من الراحة والرفاهية.فجأة توقفت السيارة أمام مبني ضخم وجميل وعندما رآه الجمل أدرك بسرعة أنه منزله الجديد ففرح كثيراً لأنه سيعيش برفاهية في هذا المكان الراقي .أنزله السائق وقاده إلى الداخل، كم كانت سعادة الجمل وهو يرى منزله وأرضه الجديدة المزينة بالرخام وكانت سعادته أكبر عندما قام رجل طيب يمسك بدلو كبير به فرشاة ولون أحمر وأخذ يلون الجمل ويزينه .وعندما انتهي الرجل من عمله وضع الدلو والفرشاة وخرج وأغلق باب المجزرة الآلي، فقد وجد صاحبه ان لا فائدة ترجى منه إلا أن يذبح .
error: النسخ ليس ممكناً