قصة مولد النبي صلى الله عليه وسلم
في يوم من ذات الأيام دخل باسم حزينا للمنزل وعندما سألته والدته عن السبب !أجاب : اليوم توفي والد صديقي طلال بعد معاناة مع المرض .فقالت الأم: أجل، فقدان الأب محزن جداً ولكن ربما أفضل طريقة لمواساته أن تذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد وتربى ونشأ يتيم الأب أيضاً.
وبعد ذلك وعلى مائدة الغداء كانت العائلة تجلس على طاولة الطعام ،فقال باسم : يا أبي توفي اليوم والد طلال وأنا حزين جداً لذلك .فقال الأب : لا تحزن هكذا يا ولدي فكل مؤمن مصاب ، سنذهب لجنازته بعد قليل حتى نواسيه .فقال باسم : نعم يا أبي أحب أن أكون معه في هذه اللحظات الصعبة.وأثناء الجنازة كان طلال حزيناً جدا ويبكي كثيراً.فقال باسم لصديقه طلال : اسمع يا طلال عند انتهاء العزاء سأحدثك عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأحكي لك كيف عاش يتيم وفقير ،حتى تعلم سيرته ومحنته التي مر بها .وعند عودتهم قال الأب: يوم الخميس يصادف إجازة بمناسبة المولد النبوي، ما رأيكم لو ذهبنا برحلة للعمرة بما أنها إجازة رسمية.قال باسم: فكرة رائعة يا أبي.وقالت أخته الصغيرة فاطمة والتي تجلس قرب أخيها جميل : سنرى الكعبة ونطوف.قال الأب: ما رأي أم باسم، لم نسمع رأيك؟فقالت الأم مبتسمة: فكرة جميلة وسيعد باسم مفاجأة لكم ،ستعرفونها هناك.
أراد باسم انتقاء كتاب يتحدث عن السيرة ليعرف أكثر عن ولادة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يتمكن بعد عودته من العمرة بقص السيرة على طلال .
وقال لأمه : بهذه الطريقة سأستطيع أن أحكي لصديقي طلال ما قرأت .وفي صباح يوم الخميس انطلقت العائلة للعمرة وبعد أن أتموا عمرتهم جلسوا مقابلين للكعبة الشريفة وقال الأب : عمرة مقبولة بإذن الله، ماذا كنت تود أن تحكي لنا يا باسم ؟ابتسم باسم ونظر للكعبة وقال : هل تعلمون أن مكة قبل أكثر من 1400 عام لم تكن هكذا تملؤها الأبنية والعمارات.
قالت فاطمة باستغراب : ألم تكن الكعبة موجودة؟رد باسم : بل كانت الكعبة موجودة وكان يسكن مكة قبيلة تدعى قريش، وسيدهم عبد المطلب وهو من أعاد حفر بئر زمزم الذي نشرب منه إلى الآن، فقد رأى في المنام مناديا يقول له: احفر زمزم.
فحفر البئر وزاد شرفه في مكة وكان له عدد من الأبناء الذكور وكان أحبهم له ولده عبد الله، وعندما كبر عبد الله تزوج بآمنة بنت وهب وعندما حملت آمنة جاءها الخبر المفجع بوفاة عبد الله وحزن عبد المطلب على ولده وعلى حفيده الذي سيولد بلا أب .
قالت الأخت الصغيرة فاطمة : أمر محزن أن يموت عبد الله .
أكمل باسم : كانت السيدة آمنة بنت وهب تشعر بخفة وحيوية أثناء حملها وفي ربيع الأول في يوم الاثنين أنجبت صغيرا کالبدر في طلعته وخرج من بطنها أثناء ولادته نور أضاءت له قصور الشام.
فرح الجد عبد المطلب فرحا شديدا بولادة الصغير وحمله وذهب به للكعبة، وبدأ الناس بالمباركة له وسألوه ماذا ستسميه؟فقال الأب : رجاء أن يحمد في السماء والأرض، وبما أن العرب قديما كانوا يحضرون مرضعات لأطفالهم فقد أتت ثويبة مولاة أبي لهب وأرضعت محمد إلى أن قدمت قافلة مرضعات من دیار بني سعد وبينهم سيدة تدعى حليمة وأخذت كل مرضعة صغير لتذهب به وترضعه .إلا حليمة السعدية لم تجد إلا محمد الطفل الصغير يتيم الأب والفقير وقد عزفت عنه المرضعات، أخذته حليمة وانطلقت مع قبيلتها عائدين لمضاربهم وانطلق حمارها الهزيل الضعيف بخفة وسرعة عجيبتين حتى استغرب كل من معها.وهنا قالت أم باسم : سبحان الله! هذه بركة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن أحد وقتها يعلم بأنه نبي يا ابنائي .
قال باسم : نعم يا أمي، حتى عندما وصلوا لديارهم أمطرت ونبت العشب وامتلأت أضرع الغنم والماعز بالحليب، وعلمت حليمة وزوجها الحارث يقينا أن هذه بركة الطفل محمد صلى الله عليه وسلم، وبقي محمد عند حليمة السعدية وزوجها يربيانه مع أولادهما إلى أن أتم الخمس سنوات تقريبا فكانت حادثة شق الصدر فخافت عليه حليمة وأعادته لأمه آمنة في مكة رغم حبها الشديد له وتعلقها به.
وكبر محمد بعناية وحب من أمه وجده إلى أن ذهب برحلة مع أمه لزيارة أخواله فتوفيت أمه في الطريق وعاد محمد إلى جده الذي أحبه حباً شديداً واعتنى به إلى أن مرض جده عبد المطلب وتوفي، وكفله عمه أبو طالب الذي عده واحدا من أبنائه واعتنى به .
ربت الأب على كتف ابنه وقال : أحسنت يا باسم فسردك للقصة رائع.
فقال باسم : رائع هذا ما اريده أن يكون سرداً رائعاً حتى اتمكن من قصه على صديقي طلال .
ابتسمت الأم قائلة: أسأل الله أن يجعلنا من التابعين لسنة حبيبنا و قدوة له .
أمسك الأب بيد باسم وقال : هيا لنصطف مع المصلين، فصلاة العصر ستقام .