قصة أصحاب الأيكة
نسب هؤلاء القوم إلى شجرة الأيكة التي كانوا يعبدونها، وهو نوع خاص من الأشجار الكثيفة الملتفة على بعضها البعض، والتي كانت تكثر في مساكنهم فسُموا بأصحاب الأيكة .فهم من أحد القبائل العربية القديمة ،وكانوا يقطنون في الجهة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية .كان أصحاب الأيكة من الأقوام الذين تمّ ذكرهم في القرآن الكريم، وقد جاء ذكرهم فيه في عدة مواضع من القرآن .قال الله تعالى :”وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ”
وقد أرسل الله تعالى نبيه شعيباً عليه السلام إلى هؤلاء القوم الذين يكفرون بالله ويعبدون شجرة الأيكة، فأرسله داعياً إياهم إلى عبادة الله وحده .
بالرغم من أن الله أرسل النبي شعيب إلى هؤلاء القوم ولكن الله قطع نسب الأخوة بينهم لأن الله تعالى لم يقل في كتابه “إذ قال لهم أخوهم شعيب ” ،وإنما قال تعالى : ” إذ قال لهم شعيب ”
هولاء القوم اشتهروا بالعمل في التجارة، فكانوا يبيعون ويشترون لكنهم كانوا يعصون الله عزّ وجل في البيع والشراء .حيث عُرف عنهم تطفيف المكاييل والأوزان وكثرة التلاعب فيها من أجل كسب المزيد من المال، لكن ذلك كان على حساب الناس الذين يُخسِرونهم في الميزان ،وكانوا يبخسون في تعاملاتهم الحياتية ،ويتوعدون الناس بالشر ،ويصدونهم عن سبيل الخير .
قال تعالى في كتابه العزيز :
(اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم ) (الأعراف:85).
وكان الله سبحانه وتعالى قد وسَّعَ على هؤلاء القوم أرزاقهم، وأعطاهم الكثير من النعم والخيرات التي لا تعد ولا تحصى.وقد أنكر نبي الله شعيب عليه السلام على أصحاب الأيكة ما يفعلون في بيعِهم وشرائهم ‘وكان نبي الله شعب عليه السلام ليّن القول معهم، وأخبرهم بأن الأرزاق بيد الله تعالى، وأنهم لن يكسبوا من تطفيف مكاييل الناس شيئًا .فرد عليه قومه بإنكار ذلك عليه، فلم يستجيبوا إليه وتوعدوه بالأذى إنْ دعاهم إلى ذلك مجددًا، وقد تم ذكر ذلك في القرآن الكريم .
قال تعالى: “قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ ”
ولم يزد ذلك قوم شعيب عليه السلام إلا كُفْرًا وفسوقًا وبغيًا على الناس.وعندما يئس نبي الله شعيب عليه السلام من استجابة قومه له ‘دعا الله تعالى عليهم بأن يأخذهم بكفرهم وعصيانهم له، فأهلكم الله تعالى بالرجفة‘ وهي الحركة الشديدة في الأرض التي تسببت في مصرعهم جميعًا .وذلك لأنهم خالفوا أوامر الله تعالى، ولم يستجيبوا للنبي شعيب الذي أُرسل إليهم بالحق، بل أنهم حاول إيذاءهُ ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم اكتراثهم بدعوة النبي شعيب عليه السلام.بل أنهم اهتموا فقط بأمر الناس الذين حوله، ولم يعيروا أي اهتمام لدعوة النبي شعيب عليه السلام ،فكان مصيرهم الهلاك.إنّ تكرار ذكر قوم من الأقوام في القرآن الكريم إن دلّ على شيء فإنّما يدل على عظمِ القصة التي حدثت لهم .